فرد الصفات غريبها |
والحسن في الدنيا غريب |
|
لم أنس ليلة قال لي |
لما رأى جسدي يذوب |
|
بالله قل لي من أعلّ |
ك يا فتى قلت : الطبيب |
وقول ابن بسام المعروف بالبسامي :
لله أيام الشباب ولهوه |
لو أنّ أيام الشباب تباع |
|
فدع الصّبا يا قلب واسل عن الهوى |
ما فيك بعد مشيبك استمتاع |
وقول الآخر :
بيض حرائر ما هممن بريبة |
كظباء مكّة صيدهنّ حرام |
|
يحسبن من لين الكلام فواسفا |
ويصدّهنّ عن الخنا الاسلام |
الإنشاء :
أنشأ الله الخلق : أبتدأ خلقهم ، والانشاء هو الابتداء أو الخلق ، أو الابتداع (١). وليس بين هذه المعاني وما ذهب اليه البلاغيون صلة ، لأنّ الانشاء عندهم : كل كلام لا يحتمل الصدق والكذب لذاته لانه ليس لمدلول لفظه قبل النطق به واقع خارجي يطابقه أو لا يطابقه. وهذا ما ذكره القدماء فقال الشريف الجرجاني : «الانشاء قد يقال على الكلام الذي ليس لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه» (٢).
واعتمدوا على هذا المعنى حينما فصلوا بين الخبر والانشاء فقال القزويني : «ووجه الحصر أنّ الكلام إما خبر أو انشاء ؛ لأنّه إما أن يكون لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه ، أو لا يكون لها خارج. الأول : الخبر ، والثاني : الانشاء» (٣).
والانشاء قسمان :
الأول : الانشاء الطلبي ، وهو ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب وهو خمسة أنواع : الأمر ، والنهي ، والاستفهام ، والتمني ، والنداء. وهذه هي الموضوعات التي تحدث عنها البلاغيون في مبحث الانشاء لأنّها تتفاوت في التعبير وتخرج عن الأغراض الحقيقية وتؤدي معاني جديدة للأديب فيها تصرف كبير.
الثاني : الانشاء غير الطلبي ، وهو ما لا يستدعي مطلوبا وله أساليب متعددة :
١ ـ صيغ المدح والذم ، ومنها «نعم» و «بئس» كقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(٤). وقوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)(٥). وقوله : (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)(٦). وقول زهير بن أبي سلمى في مدح هرم بن سنان :
نعم امرء هرم لم تعر نائبة |
إلا وكان لمرتاع لها وزرا |
ومنها : «حبذا» و «لا حبذا» كقول جرير :
يا حبّذا جبل الريّان من جبل |
وحبّذا ساكن الريّان من كانا |
__________________
(١) اللسان (نشأ).
(٢) التعريفات ص ٣٢.
(٣) الايضاح ص ١٣ التلخيص ص ١٥١ ، الطراز ج ١ ص ٦١ ، شروح التلخيص ج ٢ ص ٢٣٤ ، المطول ص ٢٢٤ ، الاطول ج ١ ص ٢٣١ ، الاتقان ج ٢ ص ٧٥ ، شرح عقود الجمان ص ٤٨٩.
(٤) البقرة ٢٧١.
(٥) النحل ٣٠.
(٦) الحج ١٣.