الباء
البدل :
بدل الشيء غيره ، والبديل البدل ويقال بدل ، وبدل الشيء وبدله وبديله : الخلف منه. وتبدّل الشيء وتبدل به واستبدله واستبدل به : أتخذ منه بدلا ، وأبدل الشيء وبدّله : تخذه بدلا (١).
وقد أطلق الجاحظ البدل على التشبيه والاستعارة ، وقال عند كلامه على قوله تعالى : (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى)(٢) : «ومن جعل للحيات مشيا من الشعراء أكثر من أن نقف عليهم» ولو كانوا لا يسمون انسيابها وانسياحها مشيا وسعيا لكان ذلك مما يجوز على التشبيه والبدل وإن قام الشيء مقام الشيء أو مقام صاحبه فمن عادة العرب ان تشبه به في حالات كثيرة.
وقال الله تعالى : (هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ)(٣) والعذاب لا يكون نزلا ولكنه أجراه مجرى كلامهم» (٤).
ولكن هذا المصطلح لم يستعمل في الكتب المتأخّرة للتشبيه والاستعارة ، وكأنه استقر في الدراسات النّحوية وقالوا : إنه «التابع المقصود بالحكم بلا واسطة» وهو عندهم أربعة أقسام :
الأول : بدل كلّ من كلّ كقوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)(٥).
الثاني : بدل بعض من كلّ مثل : «أكلت الرغيف ثلثه».
الثالث : بدل الاشتمال مثل : «أعجبني زيد علمه».
الرابع : البدل المباين ، وهو بدل الغلط أو النسيان مثل «خذ نبلا مدى» (٦) واستخدم السكاكي مصطلح «البدل» في كلامه على الفصل والوصل ، وعدّه من مواضع الفصل ، ففي البيت :
أقول له ارحل ، لا تقيمنّ عندنا |
وإلا فكن في السّر والجهر مسلما |
فصل الشاعر «لا تقيمن» عن «ارحل» لقصد البدل ؛ لأنّ المقصود من كلامه هذا إظهار كمال الكراهة لاقامته بسبب خلاف سره العلن. وقوله : «لا تقيمن عندنا» أوفى بتأدية هذا المقصود من قوله : «ارحل» لدلالة ذاك عليه بالتضمن مع التجرد عن التأكيد ، ودلالة هذا عليه بالمطابقة مع التأكيد. ومثله قوله تعالى : (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ. قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ؟)(٧).
فصل قالوا : (أَإِذا مِتْنا) عن (قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) لقصد البدل (٨).
__________________
(١) اللسان (بدل).
(٢) طه ٢٠.
(٣) الواقعة ٥٦.
(٤) الحيوان ج ٤ ص ٢٧٣.
(٥) الفاتحة ٦ ـ ٧.
(٦) شرح الأشموني ص ٤٣٥.
(٧) المؤمنون ٨١ ـ ٨٢.
(٨) مفتاح العلوم ص ١٢٨ ، الايضاح ص ١٥٣ ، التلخيص ص ١٨٤ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٤٣ ، المطول ص ٢٥٥ ، الأطول ج ٢ ص ١٠.