بديعياته التورية على اسم النوع البديعي ومطلعها :
براعة المدح في نجم ضياه سمي |
تهدي بمطلعها من عن سناه عمي |
ومطلع الثانية :
فحيّ حيّ الجليل الجامع العظم |
وبيت لحم وآلا قد سمت بهم |
ولم يلتزم في الثالثة البسيط ولا الميم المكسورة وإنما اتخذ من الكامل والميم المضمومة سبيلا ، ومطلعها :
إني لأحكام القضاء مسلّم |
ولسان حالي بالهوى متكلّم |
وهذه البديعيات الكثيرة تدلّ على اهتمام كبير بفنون البديع في العهود المتأخرة وإن كان فيها إسراف في الصنعة وتفنن في إيجاد أنواع بديعية جديدة. ولم يستمر الشعراء في نظم هذا اللون من البديع فقد انصرفوا عنه وكادت البديعيات تختفي منذ مطلع القرن العشرين.
البراءة :
بريء من الأمر يبرأ ويبرؤ براءة وبراء ، وبرئ : إذا تخلص وبرىء أذا تنزه وتباعد (١).
وقد أدخل السبكي البراءة في البديع وقال : «ومحلها الهجاء ، وهو كما قال أبو عمرو بن العلاء وقد سئل عن أحسن الهجاء فقال : «هو الذي أذا أنشدته العذراء في خدرها لا يقبح عليها» (٢).
البراعة :
برع يبرع بروعا وبراعة وبرع فهو بارع : تمّ في كل فضيلة وجمال وفاق أصحابه في العلم وغيره ، والبارع : الذي فاق أصحابه في السؤدد (٣). قال الباقلاني : «وأما البراعة فهي فيما يذكر أهل اللغة الحذق بطريقة الكلام وتجويده. وقد يوصف بذلك كل متقدم في قول أو صناعة» (٤). وقال : «فأما وصف الكلام بالبراعة فمعناه أنّه حذقت طريقته وأجيد نظمه ، وقد يوصف بذلك كل مجيد قول أو صناعة فيجوز أن يوصف القرآن بالبراعة على هذا المعنى ، والمراد أنّه نظم ـ يخرج عن إمكان الناطقين لا على معنى أنّه تجويد كلام هو على معنى كلام العرب» (٥).
ويبدو أنّ هذا المصطلح أهمل ولم يدخل في الدراسات البلاغية ولذلك قال السبكي : «مما يوصف به الكلام والكلمة أيضا البراعة وأهملها الجمهور وقد ذكرها القاضي أبو بكر في الانتصار مع الفصاحة والبلاغة وحدّها بما يقرب من حد البلاغة» (٦). وقال السيوطي : «البراعة مثل البلاغة فيقال متكلم بارع وكلام بارع ولا يقال كلمة بارعة.
قد حدّها القاضي أبو بكر في الانتصار بما يقرب من حدّ البلاغة وأهملها الجمهور وذكرها هنا من زوائدي» (٧). وقد نظمها السيوطي في أرجوزته «عقود الجمان» فقال :
يوصف بالفصاحة المركّب |
ومفرد ومنشىء مرتّب |
|
وغير ثان صفه بالبلاغة |
ومثله في ذلك البراعة |
فالبراعة هي البلاغة وهذا ما ذهب اليه عبد القاهر حينما جمع بين البلاغة والفصاحة والبيان والبراعة ولم يفصل بينها جميعا وكل ما شاكل ذلك «مما يعبر به عن فضل بعض القائلين على بعض من حيث نطقوا وتكلموا وأخبروا السامعين عن الأغراض والمقاصد ، وراموا أن يعلموهم ما في نفوسهم ويكشفوا لهم عن
__________________
(١) اللسان (برأ).
(٢) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٠.
(٣) اللسان (برع).
(٤) إعجاز القرآن ص ١٩٤.
(٥) نكت الانتصار لنقل القرآن ص ٢٦٠.
(٦) عروس الافراح ج ١ ص ٧٥.
(٧) شرح عقود الجمان ص ٣.