الْحَمِيدُ)(١) ، فانّه قال : (الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) لينبه على أنّ ما له ليس لحاجة بل هو غني عنه جواد به ، فاذا جاد به حمده المنعم عليه.
التّأنيس :
قال الدمنهوري : «هو تقديم ما يؤنس المخاطب قبل إخباره بمكروه» (٢). ويرجع ذلك الى حذق المتكلم وبراعته في مثل ذلك الموقف.
التّبديل :
تبدل الشيء وتبدل به واستبدله به كله : اتخذ منه بدلا. وأبدل الشيء من الشيء وبدّله تخذه منه بدلا.
وتبديل الشيء : تغييره وإن لم تأت ببدل (٣).
وسمّاه العسكري «العكس» وقال : «العكس أن تعكس الكلام فتجعل في الجزء الأخير منه ما جعلته في الجزء الأول ، وبعضهم يسميه التبديل» (٤). كقوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ)(٥). وقول الشاعر :
لساني كتوم لأسراركم |
ودمعي نموم لسرّي مذيع |
|
فلولا دموعي كتمت الهوى |
ولو لا الهوى لم تكن لي دموع |
ثم قال العسكري : «والعكس أيضا من وجه آخر وهو أن يذكر المعنى ثم يعكسه إيراد خلاف كقول الصاحب : «وتسمى شمس المعالي وهو كسوفها».
وقال ابن رشيق في باب التصدير : «ومن التصدير نوع سماه عبد الكريم المضادة وأنشد للفرزدق :
أصدر همومك لا يغلبك واردها |
فكلّ واردة يوما لها صدر |
ويقاربه من كلام المحدثين قول ابن الرومي :
ريحانهم ذهب على درر |
وشرابهم درر على ذهب |
والكتّاب يسمون هذا النوع التبديل ، حكاه أبو جعفر النحاس» (٦).
وذكر ابن رشيق «العكس» في السرقات أيضا وقال : «والعكس قول ابن أبي قيس ويروى لأبي حفص البصري :
ذهب الزمان برهط حسّان الألى |
كانت مناقبهم حديث الغابر |
|
وبقيت في خلف يحلّ ضيوفهم |
منهم بمنزلة اللئيم الغادر |
|
سود الوجوه لئيمة أحسابهم |
فطس الأنوف من الطراز الآخر (٧) |
وسماه ابن سنان «التبديل» (٨). والعكس عند ابن منقذ «أن تأتي الجملتان احداهما عكس الأخرى» (٩) واستشهد بالآية السابقة وأبيات شعرية كثيرة منها قول البحتري :
يا من يحاكي الراح في أوصافها |
لونا وطعما وجنتين وريقا |
|
قم فاسقنيها حين صبّ رحيقها |
في الكأس فانقلب الرحيق حريقا |
وعدّه البغدادي من نعوت الالفاظ وقال فيه : «هو أن يقدم في الكلام جزء ألفاظه منظومة نظاما تاما فيجعل ما كان مقدما في الاول متأخرا في الثاني مثل قول من قال : «اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من
__________________
(١) الحج ٦٤.
(٢) حلية اللب ص ١٧١.
(٣) اللسان (بدل).
(٤) كتاب الصناعتين ص ٣٧١.
(٥) الروم ١٩.
(٦) العمدة ج ٢ ص ٤.
(٧) العمدة ج ٢ ص ٢٨٩.
(٨) سر الفصاحة ص ٢٣٩.
(٩) البديع في نقد الشعر ص ٤٦.