أجزاء» (١) كقوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٢) ، وهذا مثال الأجزاء الثلاثة أما مثال الأربعة فكقوله تعالى حكاية عن ابراهيم ـ عليهالسلام ـ يعظ أباه بقوله : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً. يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا. يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا. يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا)(٣).
ولا يخرج كلام الحموي والسيوطي والمدني على هذا التحديد وهذه الأمثلة (٤).
التّجزيء :
هو التجزئة ، وهذه تسمية ابن قيم الجوزية (٥). وقد تقدم.
التّجميع :
جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعا وجمّعه وأجمعه فاجتمع ، وكذلك تجمّع واستجمع.
وجمعت الشيء إذا جئت به من ههنا وههنا (٦).
ذكر قدامة التجميع في عيوب القوافي وقال : «هو أن تكون القافية المصراع الاول من البيت الاول على روي متهّيء لأن تكون قافية آخر البيت فتأتي بخلافه» (٧) كقول عمرو بن شأس :
تذكّرت ليلى لات حين ادّكارها |
وقد حني الاصلاب ضلا بتضلال |
وعدّه العسكري من عيوب الازدواج وقال عنه : «هو أن تكون فاصلة الجزء الأول بعيدة المشاكلة لفاصلة الجزء الثاني» (٨). مثل ذلك أنّ سعيد بن حميد كتب : «وصل كتابك فوصل به ما يستعبد الحر وإن كان قديم العبودية ويستغرق الشكر وإن كان سالف ودك لم يبق منه شيئا». فالعبودية بعيدة منه. وذكر العسكري وابن سنان (٩) أنّ قدامة مثّل للتجميع بقول سعيد هذا ، وليس في «نقد الشعر» هذا المثال.
وقال ابن رشيق إنّ من ابتداء القصائد التجميع وهو «أن يكون القسم الأول متهيئا للتصريع بقافية ما فيأتي تمام البيت بقافية من خلالها» (١٠). كقول جميل بثينة :
يا بثن إنّك قد ملكت فاسجحي |
وخذي بحظك من كريم واصل |
فتهيأت القافية على الحاء ثم صرفها الى اللام. ثم قال ابن رشيق : «وهو كالاكفاء والسناد (١١) في القوافي إلا أنّه دونهما في الكراهية جدا واذا لم يصرع الشاعر قصيدته كان كالمتسوّر الداخل من غير باب».
وقال ابن سنان إنّ قدامة سمّى «ترك المناسبة في مقاطع الفصول التجميع» (١٢) ثم قال : «ومن عيوب القوافي أن تكون قافية المصراع الأول من البيت الأول على روي ينبىء أن تكون قافية آخر البيت بحسبه فيأتي بخلافه» (١٣).
__________________
(١) الفوائد ص ٢٣١.
(٢) الكوثر ١ ـ ٣.
(٣) مريم ٤٢ ـ ٤٥.
(٤) خزانة الأدب ص ٤٣٥ ، شرح عقود الجمان ص ١٥٣ ، أنوار الربيع ج ٦ ص ٢٠١ ، نفحات ص ٦٥ ، شرح الكافية ص ١٩٣.
(٥) الفوائد ص ٢٣١.
(٦) اللسان (جمع).
(٧) نقد الشعر ص ٢٠٩.
(٨) كتاب الصناعتين ٢٦٤.
(٩) كتاب الصناعتين ص ٢٦٤ ، سر الفصاحة ص ٢٠٩.
(١٠) العمدة ج ١ ص ١٧٧.
(١١) الاكفاء : اختلاف حرف الروي في قصيدة واحدة.
(١٢) سر الفصاحة ص ٢٠٩.
(١٣) سر الفصاحة ص ٢٢٠.