بأحسن من جمانة يوم ردّوا |
جمال البين واحتملوا نهارا |
ف «جمانة» و «جمال» تجنيس البعض.
ومنه قول العجير السلولي :
تروّى من البحرين ثم تروّحت |
به العين يهديه لظمياء ناقله |
«تروّى» و «تروّحت» مجنس البعض (١).
التجنيس التامّ :
وهو الجناس المستوفي والمماثل والكامل (٢) قال السكاكي : «وهو أن لا يتفاوت المتجانسان في اللفظ» (٣).
وقال الحلبي : «المستوفى التام : وهو أن يجيء المتكلم بكلمتين متفقتين لفظا مختلفتين معنى لا تفاوت في تركيبهما ولا اختلاف في حركتهما» (٤).
وقال القزويني : «والتام منه أن يتفقا في أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها وترتيبها فان كانا من نوع واحد كاسمين سمي مماثلا كقوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ)(٥). وقول أبي تمام :
إذا الخيل جابت قسطل الحرب صدّعوا |
صدور العوالي في صدور الكتائب (٦) |
ف «صدور العوالي» أسنّتها وأعاليها ، و «صدور الكتائب» نحور أفرادها.
وإن كانا من نوعين كاسم وفعل سمّي مستوفى كقول أبي تمام :
ما مات من كرم الزّمان فإنّه |
يحيا لدى يحيى بن عبد الله (٧) |
تجنيس التّحريف :
قال ابن منقذ : «هو أن يكون الشكل فرقا بين الكلمتين» (٨).
كقول البحتري :
سقم دون أعين ذات سقم |
وعذاب من الثنايا العذاب |
وقول الآخر :
أحبابنا ما بين فر |
قتكم وبين الموت فرق |
|
جازيتمونا في بعا |
دكم بما لا نستحقّ |
|
أفنيتم العبرات فابقوا |
وملكتم رقي فرقّوا |
وعرّفه المصري بمثل هذا التعريف ، قال : «هو أن يكون الشكل فارقا بين الكلمتين أو بعضهما» (٩). كقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ)(١٠) وقوله : (وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)(١١) وكقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الظّلم ظلمات».
__________________
(١) نضرة الاغريض ص ٨٣.
(٢) أسرار البلاغة ص ١٧ ، حسن التوسل ص ١٨٣ ، الطراز ج ٢ ص ٣٥٦ ، معترك ج ١ ص ٣٩٩.
(٣) مفتاح العلوم ص ٢٠٢.
(٤) حسن التوسل ص ١٨٣ ـ ١٨٤ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٠.
(٥) الروم ٥٥.
(٦) القسطل : الغبار الساطع في الحرب.
(٧) الايضاح ص ٣٨٢ ، التلخيص ص ٣٨٨ ، التبيان ص ١٦٦ ، الطراز ج ٢ ص ٣٥٦ ، خزانة الأدب ص ٣٠ ، معترك ج ١ ص ٣٩٩ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٣ ، أنوار الربيع ج ١ ص ١٤٨ ، حدائق السحر ص ٩٤ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤١٦ ، المطول ص ٤٤٦ ، الاطول ج ٢ ص ٢٢٣ ، جنى الجناس ص ٧٣ ، التبيان في البيان ص ٤٠٣.
(٨) البديع في نقد الشعر ص ٢٠.
(٩) تحرير التحبير ص ١٠٦ ، بديع القرآن ص ٢٩.
(١٠) العاديات ١١ ، والآية : (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ.)
(١١) القصص ٤٥.