خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ)(١). وقول أبي تمام :
بيض الصفائح لا سود الصحائف في |
متونهنّ جلاء الشّك والريب |
الثاني : تنقلب فيه الكلمات كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «جار الدار أحقّ بدار الجار» وقول بعضهم : «عادات السادات سادات العادات».
وقال المصري : «هو أن تكون إحدى كلمتيه عكس الأخرى بتقديم بعض الحروف على بعض» (٢).
وقال الحلبي والنويري : «فان اشتملت كل كلمة على حروف الأخرى وكان بعض هذه قلب حروف هذه خص باسم جناس العكس» (٣). كقول عبد الله بن رواحة يمدح النبي ـ صلىاللهعليهوسلم. ـ :
تحمله الناقة الأدماء معتجرا |
بالبرد كالبدر جلّى نوره الظلما (٤) |
تجنيس القلب :
هو ان تختلف الكلمتان في ترتيب الحروف ، وقد قسّمه القزويني الى قسمين (٥) :
الاول : قلب الكل كقولهم : «حسامه فتح لأوليائه حتف لأعدائه».
الثاني : قلب البعض كما جاء في الخبر : «اللهمّ استر عوراتنا وآمن روعاتنا». وعليه قول المتنبي :
ممنّعة منعّمة رداح |
يكلّف لفظها الطير الوقوعا |
واذا وقع أحد المتجانسين جناس القلب في أول البيت والآخر في آخره سمّي «مقلوبا مجنحا» ومثّل له السيوطي بقوله تعالى : (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ)(٦). وهذا هو تجنيس العكس.
تجنيس القوافي :
وهو أن يأتي في القافية كما يفهم من الأمثلة التي ذكرها المظفر العلوي (٧) كقول النابغة الذبياني :
نرى الراغبين العاكفين ببابه |
على كلّ شيزى أترعت بالعراعر |
|
له بفناء البيت دهماء جونة |
تلقم أوصال الجزور العراعر (٨) |
ومنه الأبيات :
أتعرف أطلالا شجونك بالخال |
وعيش زمان كان في العصر الخالي |
|
ليالي ريعان الشباب مسلّط |
عليّ بعصيان الإمارة والخال |
|
واذ أنا خدن للغويّ أخي الصّبا |
وللغزل المريّح ذي اللهو والخال |
|
ليالي تكنى تستبيني بدّلها |
وبالنظر الفتّان والخدّ والخال |
|
إذا سكنت ربعا رئمت رباعها |
كما رئم الميثاء ذو الريثة الخالي |
__________________
(١) طه ٩٤.
(٢) بديع القرآن ص ٣٠.
(٣) حسن التوسل ص ١٩٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٧.
(٤) الآدم : الاسمر مؤنثه أدماء. اعتجر : لف عمامته.
(٥) الايضاح ص ٣٨٨ ، التلخيص ص ٣٩١ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٢٨ ، المطول ص ٤٤٨ ، الاطول ج ٢ ص ٢٢٧ ، المنزع البديع ص ٤٨٧ ، الروض المريع ص ١٦٦ ، التبيان في البيان ص ٤٠٩.
(٦) طه ٩٤.
(٧) نضرة الاغريض ص ٨٩.
(٨) العراعر ـ بفتح العين الاولى ـ : الأسنمة ، والعراعر ـ بضم العين الاولى : الضخمة الكبيرة الشيزى خشب صلب تصنع منه القصاع ، ويراد به هنا القصاع. دهماء : قدر سوداء لكثرة استعمالها. جونة : القدر التي اسودت من دخان النار. جزور : ما يذبح من النوق أو الغنم.