الحقوق» فالعين والحاء من مخرج واحد. ويعجبني قول الشيخ جمال الدين ابن نباته في هذا الباب :
رقّ النسيم كرقّتي من بعدكم |
فكأننا في حيّكم نتغاير |
|
ووعدت بالسلوان واش عابكم |
فكأننا في كذبنا نتخاير |
فالغين والخاء من مخرج واحد ... واللاحق قد تقدم أنّه ما أبدل من أحد ركنيه حرف من غير مخرجه كقوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(١). وكتب بعضهم في جواب رسالة : «وصل كتابك فتناولته باليمين ووضعته مكان العقد الثمين».
ومن النظم قول البحتري وأجاد الى الغاية :
عجب الناس لاعتزالي وفي الأط |
راف تلفى منازل الأشراف |
|
وقعودي عن التقلّب والأر |
ض لمثلي رحيبة الأكناف |
|
ليس عن ثروة بلغت مداها |
غير أنّي امرؤ كفاني كفافي |
ف «كفاني» و «كفافي» هو اللاحق الذي لا يلحق» (٢).
تجنيس اللّفظ :
قال المظفر العلوي : «وربما سمّوه المطلق» (٣).
ومنه قول جرير :
حلأّت ذا سقم يري لشفائه |
وردا ويمنع إن أراد ورودا (٤) |
وقول القطامي :
صريع غوان راقهنّ ورقنه |
لدن شبّ حتى شاب سود الذوائب |
ف «شبّ» و «شاب» تجنيس لفظ.
التّجنيس اللّفظيّ :
قال الحموي : «أما اللفظي فهو النوع إذا تماثل ركناه وتجانسا خطا خالف أحدهما الآخر بابدال حرف منه فيه مناسبة لفظية كما يكتب بالضاد والظاء» (٥).
وقال السيوطي : «وبقي قسم آخر نبهت عليه من زيادتي وهو أن يكون المبدل مناسبا للاخر مناسبة لفظية ويسمى اللفظي كالذي يكتب بالضاد والظاء نحو : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(٦).
والتاء والهاء نحو : «جبلت القلوب على معاداة المعاداه». والنون والتنوين كقول الأرجاني :
وبيض الهند من وجدي هواز |
باحدى البيض من عليا هوازن |
والنون والألف كقول أبي العفيف التلمساني :
أحسن وجه الله وجها وفما |
إن لم يكن أحق بالحسن فمن (٧) |
التّجنيس المبدل :
قال المظفّر العلوي : «وهو قريب من المطمع» (٨).
وكان قد عرّف المطمع بقوله : «هو أن يأتي الشاعر بكلمة ثم يبدأ في اختها على وفق حروفها فيطمع في أنّه يجيء بمثلها فيبدل في آخرها حرفا بحرف» (٩).
ومثاله قول الخطيم المحرزي :
__________________
(١) الضحى ٩ ـ ١٠.
(٢) خزانة الادب ص ٢٩ ، وينظر أنوار الربيع ج ١ ص ١٤٠ ، التبيان في البيان ص ٤٠٦.
(٣) نضرة الاغريض ص ٥٥.
(٤) حلأه عن الماء : طرده ومنعه.
(٥) خزانة الادب ص ٣٨ ، وينظر أنوار الربيع ج ١ ص ١٩٣.
(٦) القيامة ٢٢ ـ ٢٣.
(٧) شرح عقود الجمان ص ١٤٦ ، معترك ج ١ ص ٤٠١ ، وينظر أنوار الربيع ج ١ ص ١٩٣ ، جنى الجناس ص ٢٦٧.
(٨) نضرة الاغريض ص ٧٤.
(٩) نضرة الاغريض ص ٧٢.