ومنه قول أبي حية البجلي :
يعدّها للعدى فتيان عادية |
وكل كهل رحيب الباع صهميم (١) |
قوله : «العدى» و «عادية» تجنيس محض.
وقال يزيد بن جدعاء :
وهم صبّحوا أخرى ضرارا ورهطه |
وهم تركوا المأموم وهو أميم |
«المأموم» الذي يهذي من أم رأسه ، و «الأميم» حجر يشدخ به الرأس.
التّجنيس المحقّق :
قال ابن رشيق : «التجنيس المحقّق ما اتّفقت فيه الحروف دون الوزن رجع الى الاشتقاق أو لم يرجع» (٢). كقول أحد بني عبس :
وذلكم أنّ ذلّ الجار حالفكم |
وأنّ أنفكم لا يعرف الأنفا |
فاتفقت «الأنف» مع «الأنف» في جميع حروفهما دون البناء ، ورجعا الى أصل واحد ، وهذا عند قدامة (٣) أفضل تجنيس وقع.
ومثله في الاشتقاق قول جرير ـ والجرجاني يسميه التّجنيس المطلق (٤) :
وما زال معقولا عقال عن النّدى |
وما زال محبوسا عن الخير حابس |
التّجنيس المخالف :
قال الحلبي والنويري : «هو أن تشتمل كل واحدة من الكلمتين على حروف الأخرى دون ترتيبها» (٥).
كقول أبي تمام :
بيض الصفائح لا سود الصحائف في |
متونهنّ جلاء الشّك والرّيب |
وقول البحتري :
شواجر أرماح تقطع بينهم |
شواجر أرحام ملوم قطوعها |
وقول المتنبّي :
ممنّعة منعّمة رداح |
يكلّف لفظها الطير الوقوعا (٦) |
والبيت الأول من شواهد «تجنيس العكس».
التّجنيس المختلف :
هذا النوع من التجنيس الناقص (٧) ، وقد قال ابن الزّملكاني : «ثم النقص إن وقع بتغير الحركات سمّي المختلف» (٨). وذكره المظفر العلوي بهذا الاسم (٩) ، وقال الحلبي والنويري : «ومنه المختلف ويسمى التجنيس الناقص» (١٠).
والاختلاف إما في الحركة كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «اللهمّ كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي». وقول أبي العلاء :
لغيري زكاة من جمال فان تكن |
زكاة جمال فاذكري ابن سبيل |
__________________
(١) الصهميم من الرجال : الشجاع الذي يركب رأسه لا يثنيه شيء عما يريد ويهوى.
(٢) العمدة ج ١ ص ٣٢٣.
(٣) نقد الشعر ص ١٨٩.
(٤) الوساطة ص ٤١.
(٥) حسن التوسل ص ١٩٦ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٧ ، جنى الجناس ص ١٩٧.
(٦) أي هي منعمة لا يقدر عليها أحد. الرداح : ضخمة العجيزة.
(٧) نهاية الايجاز ص ٢٨ ، الطراز ج ٢ ص ٣٥٩.
(٨) التبيان ص ١٦٦ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٠.
(٩) نضرة الاغريض ص ٧٨.
(١٠) حسن التوسل ص ١٨٦ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩١.