الحروف المتقاربة سواء وقع آخرا أو حشوا كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الخيل معقود بنواصيها الخير». ومنه قول الحطيئة :
مطاعين في الهيجا مطاعيم في الدجى |
بنى لهم آباؤهم وبنى الجدّ |
وقول البحتري :
ظللت أرجم فيك الظنو |
ن أحاجمه أنت أم حاجبه؟ (١) |
ولكن المطرف عند القزويني هو «أن يختلفا بزيادة حرف واحد في الأول كقوله تعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ)(٢). أو في الوسط كقولهم «جدّي جهدي». أو في الآخر كقول أبي تمام :
يمدّون من أيد عواص عواصم |
تصول بأسياف قواض قواضب |
وعرّف المضارع بأن يكون الحرفان المختلفان متقاربين (٣).
وقال العلوي : «هو أن يجمع بين كلمتين هما متجانستان لا تفاوت بينهما إلا بحرف واحد سواء وقع أولا أو آخرا أو وسطا حشوا» (٤). وهو وجهان :
الأول : أن يقع الاتفاق في الحروف المتقاربة كالحديث الشريف السابق.
الثاني : أن يقع في الحروف التي لا تقارب فيها كقوله تعالى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ)(٥).
وكقول البحتري :
ألما فات من تلاق تلاف |
أم لشاك من الصّبابة شاف؟ |
ثم قال : «وما هذا حاله يقال له التجنيس اللاحق والتجنيس الناقص» (٦).
وأدخله السيوطي في تجنيس التصريف وهو عنده قسمان : «ما يكون التخالف بحرف مقارب في المخرج وما يكون بغيره ، والأول يسمّى المضارع والثاني اللاحق. وكل منهما إمّا في الأول أو في الوسط أو في الآخر» (٧).
والمضارع عند الحموي هو «المشابه في المخرج» (٨). وسمّاه المدني «المطرف» وقال : «وأمّا الجناس المطرف فهو ما زاد أحد ركنيه على الآخر بحرف في طرفه الأول وهو عكس المذيل ، فإنّ المذيل تكون الزيادة في آخره فهي كالذيل. وقد يسمى هذا الجناس المردوف والناقص وفي تسميته اختلاف كثير ولكن المطرف أولاها لأنّه مطابق للمسمى إذ الزيادة فيه كالطرف لأنّها في أوله ، وخير الاسماء ما طابق المسمى» (٩).
التّجنيس المضاف :
قال القاضي الجرجاني : «ومنه التجنيس المضاف كقول البحتري :
أيا قمر التّمام أعنت ظلما |
عليّ تطاول الليل التّمام |
ومعنى التمام واحد في الامرين ولو انفرد لم يعد تجنيسا ولكنّ أحدهما صار موصولا بالقمر والآخر بالليل فكانا كالمختلفين» (١٠).
وقال ابن رشيق تعليقا على هذا البيت : «فهذا عندهم وما جرى مجراه إذا اتصل كان تجنيسا واذا
__________________
(١) حسن التوسل ص ١٩٢ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٤ وينظر الروض المريع ص ١٦٤.
(٢) القيامة ٢٩ ـ ٣٠.
(٣) الايضاح ص ٣٨٥ ، التلخيص ص ٣٩٠.
(٤) الطراز ج ٢ ص ٣٦٦.
(٥) النساء ٨٣.
(٦) الطراز ج ٢ ص ٣٦٧.
(٧) شرح عقود الجمان ص ١٤٦ ، معترك ج ١ ص ٤٠٠ ، التبيان في البيان ص ٤٠٥.
(٨) خزانة الأدب ص ٢٩.
(٩) أنوار الربيع ج ١ ص ١٧١.
(١٠) الوساطة ص ٤٤.