كأنّ البرى والعاج عيجت متونه |
على عشر نهّى به السّيل أبطح (١) |
وقول جرير :
كأنّك لم تسر ببلاد نجد |
ولم تنظر بنا ظرة الخياما |
وقول الآخر :
ربّ خود عرفت في عرفات |
سلبتني بحسنها حسناتي |
|
ورمت بالجمار جمرة قلبي |
أيّ قلب يقوى على الجمرات |
|
حرّمت حين أحرمت نوم عيني |
واستباحت حماي باللّحظات |
|
وأفاضت مع الحجيج ففاضت |
من دموعي سوابق العبرات |
|
لم أنل من منّى منى النفس لكن |
خفت بالخيف أن تكون وفاتي |
وقال المظفر العلوي : «هو أن يأتي الشاعر بكلمتين إحداهما اسم والأخرى فعل» (٢). ثم قال : «وهذا التجنيس يستحسنه أهل البديع في الشعر وهو كثير جدا».
وقال الحلبي والنّويري : «ومما يشبه المشتق ويسميه بعضهم المشابه وبعضهم المغاير قوله تعالى : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)(٣) وقوله تعالى : (لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ)(٤) وقوله تعالى : (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ)(٥) وقوله تعالى : (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ)(٦).
ومن النظم قول البحتري :
واذا ما رياح جودك هبّت |
صار قول العذّال فيها هباءا (٧) |
وسّماه ابن الأثير الحلبي «جناس المغايرة» وقال : «هو أن تكون إحدى الكلمتين اسما والأخرى فعلا» (٨).
وهذا النوع أقرب الى تجنيس الاشتقاق وغيره من الأنواع الأخرى التي تعتمد على المقاربة في الاشتقاق ولكنّهم اشترطوا في هذا النوع أن تكون إحدى الكلمتين اسما والأخرى فعلا.
التّجنيس المفروق :
وهو الضرب الثاني من التجنيس المركب ، والمركب قد يكون من كلمة وبعض كلمة وهو المرفو ، أما اذا اختلفا فهو المفروق (٩). ومنه قول البستي :
كلّكم قد أخذ الجا |
م ولا جام لنا |
|
ما الذي ضرّ مدير ال |
جام لو جاملنا |
وقال المدني : «وخصّ باسم المفروق لافتراق الركنين في الخط» (١٠) ومن أمثلة هذا النوع قول الشاعر :
__________________
(١) البرى : الخلاخيل. العاج : أسورة من العاج.
عيجت : لويت. العشر : شجر ناعم لين. نهى به السيل : بلغ به اليه ، الابطح بطن الوادي.
(٢) نضرة الاغريض ص ٦١.
(٣) الرحمن ٥٤.
(٤) المائدة ٣١.
(٥) يونس ١٠٧.
(٦) النمل ٤٤.
(٧) حسن التوسل ص ١٩٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٥.
(٨) جوهر الكنز ص ٩٢ ، وينظر جنى الجناس ص ١٦١.
(٩) نهاية الايجاز ص ٣٠ ، التبيان ص ١٦٧ ، مفتاح العلوم ص ٢٠٣ ، حسن التوسل ص ١٨٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٢ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١١ ، الايضاح ص ٣٨٤ ، التلخيص ص ٣٨٩ ، خزانة الأدب ص ٢٢ ، الاطول ج ٢ ص ٢٢٤ ، أنوار الربيع ج ١ ص ١٠٣.
(١٠) أنوار الربيع ج ١ ص ١٠٣.