ذلك قول الصلاح الصفدي الذي كان مولعا بهذا النمط :
ولمّا نأيتم لم أزل مترقّبا |
قدومكم في غدوة ومساء |
|
وأين اذا كان الفراق معاندي |
مطالع ناء من مطال عناء |
وقوله :
وساق غدا يسقي بكأس وطرفه |
يجرد أسيافا لغير كفاح |
|
إذا جرح العشاق قالوا أقمت في |
مدارج راح أم مدار جراح |
وقوله :
بكيت على نفسي لنوح حمائم |
وجدت لها عندي هديّة هاد |
|
تنوب إذا ناحت على الأيك في الدجى |
مناب رشاد في منابر شاد |
وقوله :
متى تصنع المعروف ترق الى العلى |
وتلق سعودا في ازدياد سعود |
|
وإن تغرس الإحسان تجن الثمار من |
مغار سعود لا مغارس عود |
التّجنيس المماثل :
قال التفتازاني : «سمي جناسا مماثلا جريا على اصطلاح المتكلمين من أنّ التماثل هو الاتحاد في النوع» (١).
وقال ابن منقذ : «هو أن تكون الكلمتان اسمين أو فعلين» (٢) كقوله تعالى : (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ)(٣) وقوله : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)(٤) وقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الظلم ظلمات يوم القيامة».
ومنه قول البحتري :
يذكرنيك والذكرى عناء |
مشابه فيك طيبة الشكول |
|
نسيم الروض في ريح شمال |
وصوب المزن في راح شمول |
وقول الآخر :
إذا أعشطتك أكفّ اللئام |
كفتك القناعة شبعا وريّا |
|
فكن رجلا رجله في الثرى |
وهامة همته في الثريّا |
|
أبيا لنائل ذي ثروة |
تراه بما في يديه حفيّا |
|
فانّ إراقة ماء الحياة |
دون إراقة ماء المحيّا |
وعرّفه المظفر العلوي بمثل ذلك (٥) ، وقال القزويني : «فإن كانا من نوع واحد سمي مماثلا» (٦) ، وهو من الجناس التام ، ومثّل له بقوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ)(٧).
وسمّاه ابن الاثير الحلبي «جناس المماثلة» (٨) ، وردد الحموي ما قاله القزويني وهو أنّه «اذا انتظم ركناه من نوع واحد كاسمين أو فعلين سمي مماثلا» (٩).
__________________
(١) المختصر ج ٤ ص ٤١٥.
(٢) البديع في نقد الشعر ص ١٤.
(٣) الواقعة ٨٩.
(٤) الرحمن ٥٤.
(٥) نضرة الاغريض ص ٩٥.
(٦) الايضاح ص ٣٨٢ ، التلخيص ص ٣٨٨.
(٧) الروم ٥٥.
(٨) جوهر الكنز ص ٩٣ ، وينظر المنزع البديع ص ٤٨٢.
(٩) خزانة الأدب ص ٣٠.