التّجنيس المنفصل :
قال ابن رشيق : «وقد أحدث المولّدون تجانسا منفصلا يظهر أيضا في الخط كقول أبي تمام :
رفدوك في يوم الكلاب وشقّقوا |
فيه المراد بجحفل كاللّاب |
الكاف للتشبيه ، واللاب جمع لابة ، وهي : الحرة ذات الحجارة السود ... وليس بتجانس صحيح على ما شرطه المتقدمون ، ولكنّه استظرف فادخل في هذا الباب تملحا. وأكثر من يستعمله الميكالي وقابوس وأبو الفتح البستي وأصحابهم فمن ذلك قوله :
عارضاه بما جنى عارضاه |
أو دعاني أمت بما أودعاني |
فقوله : «أودعاني» إنما هي «أو» التي للعطف نسق بها «دعاني» وهو أمر الاثنين من «دع» على قوله : «عارضاه» الذي في أول البيت. وقوله «أو دعاني» الذي في القافية فعل ماض من اثنين» (١).
التّجنيس الناقص :
وهو غير التام والكامل ، وذلك أن يكون نقص في إحدى الكلمتين. قال القاضي الجرجاني : «ومنه الناقص كقول الأخنس بن شهاب :
وحامي لواء قد قتلنا وحامل |
لواء منعنا والسيوف شوارع |
فجانس بـ «حامي وحامل» ، والحروف الأصلية في كل واحد منهما تنقص عن الآخر» (٢).
وأدخله ابن رشيق في «تجنيس المضارعة» وأشار الى أنّ الجرجاني سماه التجنيس الناقص (٣) وسماه التبريزي والبغدادي والصنعاني ناقصا (٤) ، وقال الرازي إنه «التجنيس الذي يكون الاختلاف واقعا في هيئة الحروف» (٥) وهذا ما قاله الوطواط من قبل (٦).
والى ذلك ذهب السكاكي وقال : «هو أن يختلفا في الهيئة دون الصورة» (٧) وقال ابن الزملكاني : «وهو ما عدا التام» (٨). وقال القزويني : «وإن اختلفا في أعداد الحروف سمي ناقصا» (٩) ، وهو إما أن يختلفا بزيادة حرف واحد وهو المطرف ، أو بزيادة أكثر من حرف واحد وهو المذيل.
وسمّاه الحلبي والنويري «المختلف» وقالا : «ومنه المختلف ويسمى التجنيس الناقص وهو مثل الأول في اتفاق حروف الكلمتين إلا أنّه يخالفه إما في هيئة الحركة ... أو بالحركة والسكون» (١٠).
وقسّم العلوي التجنيس كغيره الى قسمين أساسيين :
الأول : التجنيس التام وهو المستوفى والكامل ، وذلك أن تتفق الكلمتان في لفظهما ووزنهما وحركاتهما ويختلفا في المعنى.
الثاني : الناقص ، ويقال له المشبه ويأتي على أنحاء مختلفة ويأتي على عشرة أضرب : المختلف والمشتق وغير المشتق ـ المفروق والمرفو ـ والمذيل والمزدوج والمصحف والمضارع والمشوش والمعكوس والاشارة (١١).
__________________
(١) العمدة ج ١ ص ٣٢٨.
(٢) الوساطة ص ٤٣.
(٣) العمدة ج ١ ص ٣٢٥ ، وينظر المنزع البديع ص ٤٨٦.
(٤) الوافي ص ٢٦٢ ، قانون البلاغة ص ٤٣٨ ، الرسالة العسجدية ص ١٣٣.
(٥) نهاية الايجاز ص ٢٨.
(٦) حدائق السحر ص ٩٥.
(٧) مفتاح العلوم ص ٢٠٢.
(٨) التبيان ص ١٦٦.
(٩) الايضاح ص ٣٨٥ ، التلخيص ص ٣٨٩.
(١٠) حسن التوسل ص ١٨٦ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩١.
(١١) الطراز ج ٢ ص ٣٥٩ ، وينظر معترك ج ١ ص ٤٠٠ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٥ ، الأطول ج ٢ ص ٢٢٥ ، الروض المريع ص ١٦٦ ، التبيان في البيان ص ٤٠٤.