وقد سبق الكلام على هذه الأنواع وغيرها من الأنواع التي شعبها المتأخرون ، وهي كلّها ترجع الى التجنيس الناقص.
التّحجيل :
التحجيل : بياض يكون في قوائم الفرس ، وحجل فلان أمره تحجيلا إذا شهره (١). وهو تذييل أواخر الفصول بالأبيات الحكمية والاستدلالية لتزداد بهاء وحسنا ، وتقع في النفوس أحسن موقع (٢). وقال القرطاجني : «وأيضا فإنّا سمينا تحلية أعقاب الفصول بالأبيات الحكمية والاستدلالية بالتحجيل ليكون اقتران صنعة رأس الفصل وصنعة عجزه نحوا من اقتران الغرة بالتحجيل في الفرس (٣).
التّحرّز :
الحرز : الموضع الحصين ، واحترزت من كذا وتحرزت أي : توقيت (٤).
وهو الاحتراس وقد تقدم ، وسمّاه بهذا الاسم ابن سنان الذي قال : «وأما التحرز مما يوجب الطعن فان يأتي بكلام لو استمر عليه لكان فيه طعن فيأتي بما يتحرز به من ذلك الطعن ، كقول طرفة :
فسقى ديارك ـ غير مفسدها ـ |
صوب الربيع وديمة تهمي |
فلو لم يقل : «غير مفسدها» لظن به أنّه يريد توالي المطر عليها وفي ذلك فساد للديار ومحو لرسومها» (٥).
التّحويل :
تحوّل عن الشيء : زال عنه الى غيره ، وحال الرجل يحول مثل تحوّل من موضع الى موضع (٦). وهو المقلوب أو الانتقال ، وقد تحدث عنه المبرد وقال : «ومما في القرآن مما يجيء مثله في كلام العرب من التحويل كقوله» : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ)(٧). وإنما العصبة تنوء بالمفاتح. ومن كلام العرب : «إن فلانة لتنوء بها عجيزتها» ، ويقولون : «ادخلت القلنسوة في رأسي وأدخلت الخف في رجلي» وانما يكون هذا فيما لا يكون فيه لبس ولا إشكال ولا وهم ولا يجوز : «ضربت زيدا» وأنت تريد : غلام زيد على حكم قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (يوسف ٨٢) ومثل قوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ.) ومن كلام العرب قول الأخطل :
أمّا كليب بن يربوع فليس لهم |
عند التفاخر إيراد ولا صدر |
|
مخلّفون ويقضي الناس أمرهم |
وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا |
|
مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت |
نجران أو بلّغت سوءاتهم هجر (٨) |
تخصيص المسند :
خصّه بالشيء : أفرده به من دون غيره ، وأختص فلان بالأمر وتخصص له إذا انفرد (٩).
وذلك بالاضافة مثل : «زيد ضارب غلام» أو بالوصف مثل : «زيد رجل عالم» وذلك لتكون الفائدة أتم (١٠).
__________________
(١) اللسان (حجل).
(٢) منهاج البلغاء ص ٣٠٠.
(٣) منهاج البلغاء ص ٢٩٧.
(٤) اللسان (حرز).
(٥) سر الفصاحة ص ٣٢٢.
(٦) اللسان (حول).
(٧) القصص ٧٦.
(٨) ما اتفق لفظه واختلف معناه ص ٣٧ ـ ٣٩.
هداجون : من الهدج والهدجان بالتحريك : السير السريع. يقول : ان رهط جرير كالقنافذ لمشيهم في الليل للسرقة والفجور.
(٩) اللسان (خصص).
(١٠) مفتاح العلوم ص ١٠١ ، الايضاح ص ٩٧ ، التلخيص ص ١١٩.