التّخلّص :
هو الانفكاك من الشيء ، وخلص الشيء ، اذا كان قد نشب ثم نجا وسلم (١).
وهو براعة التلخص وحسن التخلص ، وقد تقدم.
وممن سماه «التخلص» القزويني وشراح تلخيصه (٢).
تخليص الألفاظ والمعاني :
التخليص : التنجية من كل منشب ، تقول : خلّصته من كذا تخليصا أي نجيته (٣).
قال التنوخي : «ومن البيان تخليص الالفاظ بعضها من بعض والمعاني بعضها من بعض ، واجتناب اختلاطها» (٤). ومثال اختلاط الالفاظ بالتقديم والتأخير قول بعض الأعراب :
أحبّ بلاد الله ما بين منعج |
اليّ وسلمى أن يصوب سحابها |
لأنّ الترتيب أن يقال : أحبّ بلاد الله أن يصوب سحابها اليّ ما بين منعج وسلمى.
ومثال اختلاط المعاني بالتقديم والتأخير قول الشاعر :
ولم أر مثل الحيّ حيّا مصبّحا |
ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا |
|
أكرّ وأحمى للحقيقة منهم |
وأضرب منّا بالسيوف القوانسا |
معناهما : لم أر مثلا للحي أكرّ منهم ولا مثلا لنا أضرب منا ، فخلط المعنيين والالفاظ الدالة عليهما وفي إعرابهما إشكال وفيهما شذوذ من بناء أفعل التفضيل مما ليس من الغرائز.
التّخيير :
خيرته بين الشيئين أي فوضت اليه الخيار ، وتخير الشيء : اختاره (٥) وقد أشار أبو العلاء المعري الى احتمال تغيير القوافي وذكر قول من قال :
ألمّ بصحبتي وهم هجوع |
خيال طارق من أمّ حصن |
|
لها ما تشتهي عسلا مصفّى |
إذا شاءت وحوّارى بسمن |
فهذان البيتان يصلحان للتغيير وإبدال قافيتهما ، وقد فعل أبو العلاء ذلك ، فأم حصن : أم حفص وأم جزء وأم حرب وأم صمت ، وحوّارى بسمن : بلمص وبكشء وبضرب وبكمت (٦). ولكن أبا العلاء لم يعرفه ولم يسمه هذا الاسم.
وقد سمى المصري هذا النوع من الفن «التخيير» وقال إنه من مبتدعاته وعرّفه بقوله : «هو أن يأتي الشاعر ببيت يسوغ أن يقفى بقواف شتى فيتخير منها قافية مرجحة على سائرها بالدليل تدخل بتخيرها على حسن اختياره» (٧).
كقول الحريري :
إنّ الغريب الطويل الذيل ممتهن |
فكيف حال غريب ماله قوت |
فانه يسوغ أن يقول : «فكيف حال غريب ما له حال» أي : ماله مال ، ماله نشب ماله سبب» ولكنّ «ما له قوت» أدل على الفاقة وأمس بذكر الحاجة.
ومنه قوله تعالى : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ
__________________
(١) اللسان (خلص).
(٢) الايضاح ص ٤٣٢ ، التلخيص ص ٤٣٢ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٥٣٥ ، المطول ص ٤٧٩ ، الاطول ج ٢ ص ٢٥٧.
(٣) اللسان (خلص).
(٤) الأقصى القريب ص ١٠١.
(٥) اللسان (خير).
(٦) رسالة الغفران ص ١٥٤.
(٧) تحرير التحبير ص ٥٢٧ ، بديع القرآن ص ٢٣٣.