وسن. ومكان عظام : فؤاد ، ضلوع ، كبود ، بدن.
ومكان سقام : قتاد ، دموع ، وقود ، حزن. ومكان دوام : معاد ، رجوع ، وجود ، ثمن.
قال المدني : «فهذه القوافي المثبتة حيال كل بيت يناسب كل منها المعنى ولكنّ الأول أولى» (١). وهذا النوع كالسابق الذي ذكره السبكي في الثاني والخمسين من أنواع البديع ، ولكنه ـ كما يبدو ـ فرّق بينهما بأنّ الاول ربما خصّ الروي في البيت الواحد ، وربما شمل الثاني الأبيات. ولكنّ الفكرة واحدة ولذلك عدّه المصري فنا واحدا. ومزج الحموي بين النوعين واستشهد ببيت الحريري وأبيات ديك الجن بعد أن عرّفه بتعريف المصري نفسه (٢). وحينما تحدث عن التورية قال : «يقال لها الايهام والتوجيه والتخيير» (٣). ولعل في الكلمة تصحيفا أي انها «التحيير» لأنّ في التورية نوعا من التحير في ارادة المعنى ، أو لعله «التخييل».
ولم يخرج السيوطي على ما ذكره السابقون (٤) ، ومثله المدني في ذلك ، وردّ على الحموي الذي استشهد بآيات من كتاب الله فقال : «وذكر ابن حجة في هذا النوع آية من كتاب الله تعالى وعدّها منه وهو غير صواب ، بل هي نوع من التمكين قطعا ، إذ مفهوم التخيير أنّه يسوغ أن يؤتي في مكان الفاصلة بفاصلة أخرى لو لا ما حظر الشرع من ذلك وليس كذلك ، فانّ القرآن العظيم نزل على أكمل الوجوه لفظا ومعنى بحيث لا يمكن أحد أن يغير فيه حرفا واحدا وإن خفي على بعض الضعفاء وجه الحكمة في بعض الألفاظ والفواصل وتوهّم أنّه يمكن تغييرها فهو من غباوته وجهله بمواقع الالفاظ. والآية التي عدّها ابن حجة من هذا النوع عدّها غيره من التمكين» (٥).
وليس الحموي هو الذي ذكر الآية أول مرة وانما سبقه الى ذلك المصري كما تقدم.
التّخييل :
خال الشيء : ظنه ، وتخيّله : ظنه وتفرسه. وخيّل عليه : شبّه (٦).
قال عبد القاهر : «وجملة الحديث الذي أريده بالتخييل ههنا ما يثبت فيه الشاعر أمرا هو غير ثابت أصلا ويدعي دعوى لا طريق الى تحصيلها ، ويقول قولا يخدع فيه نفسه ويريها ما لا ترى» (٧).
وقال ابن الزّملكاني : «هو تصوير حقيقة الشيء حتى يتوهّم أنّه ذو صورة تشاهد وأنّه مما يظهر في العيان» (٨). كقوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)(٩). وقوله :(طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ)(١٠).
وسمّى الحلبي والنويري الايهام والتورية تخييلا (١١) وربما كان ذلك قريبا لأنّ الرازي (١٢) ذكر مثالا للتورية وهو قوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ ...) وهي من التخييل.
وتحدث العلوي عنه وبعد أن ذكر تعريفي ابن الزملكاني والمطرزي قال : «هو اللفظ الدال بظاهره عى معنى والمراد غيره على جهة
__________________
(١) أنوار الربيع ج ٢ ص ١٥١.
(٢) خزانة الأدب ص ٧٨.
(٣) خزانة ص ٢٣٩ ، نفحات ص ٢٢٩ ، شرح الكافية ص ٩٤.
(٤) شرح عقود الجمان ص ١٥٥.
(٥) أنوار الربيع ج ٢ ص ١٤٩.
(٦) اللسان (خيل).
(٧) أسرار البلاغة ص ٢٥٣.
(٨) التبيان ص ١٧٨.
(٩) الزمر ٦٧.
(١٠) الصافات ٦٥.
(١١) حسن التوسل ص ٢٤٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٣١.
(١٢) نهاية الايجاز ص ١١٣ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٢.