وأحببت من حبّها الباخلين |
حتى ومقت ابن سلم سعيدا |
|
إذا سيل عرفا كسا وجهه |
ثيابا من اللؤم بيضا وسودا |
وعرّف التدبيج بمثل ما عرفه المصري ابن مالك والحلبي والنويري وابن الاثير الحلبي والعلوي والحموي والسيوطي والمدني (١).
وللتدبيج معنى آخر عند البلاغيين ، فقد تكلم ابن سنان بعد الطباق على نوع سماه «المخالف» وقال : «فاما المخالف وهو الذي يقرب من التضاد فكقول أبي تمام :
تردّى ثياب الموت حمرا فما أتى |
لها الليل إلا من سندس خضر |
فان الحمر والخضر من المخالف وبعض الناس يجعل هذا من المطابق» (٢). ومنه قول عمرو بن كلثوم :
بأنّا نورد الرايات بيضا |
ونصدرهنّ حمرا قد روينا |
وتحدث القزويني عن مثل هذا في الطباق ولكنه قال بعد بيتي ابن حيّوس وأبي تمام : «ومن الناس من سمّى نحو ما ذكرناه تدبيجا ، وفسّره بأن يذكر في معنى من المدح أو غيره ألوان بقصد الكناية أو التورية. أما تدبيج الكناية فكبيت أبي تمام وبيتي ابن حيّوس ، وأما تدبيج التورية فكلفظ الأصفر في قول الحريري» (٣). وقول الحريري هو : «فمذ ازورّ المحبوب الأصفر ، وأغبرّ العيش الأخضر ، اسودّ يومي الأبيض ، وابيضّ فودي الأسود حتى رثى لي العدو الأزرق فيا حبّذا الموت الأحمر».
وسار على ذلك شرّاح التلخيص والحموي والسيوطي والمدني بعد أن ذكروا المعنى الأول أيضا (٤).
التّداول والتّناول :
الدولة : الانتقال من حال الى حال أو من حال الشدة الى الرخاء ، وتداولنا الأمر : أخذناه بالدّول ، وتداولته الايدي : أخذته هذه مرة وهذه مرة (٥).
وناولت فلانا شيئا مناولة إذا عاطيته ، وتناولت من يده شيئا : إذا تعاطيته ، وناولته الشيء فتناوله ، وتناول الأمر : أخذه (٦).
وقد عقد ابن منقذ بابا سماه «السابق واللاحق والتداول والتناول» وقال : «هو أن يأخذ البيت فينقص من لفظه أو يزيد في معناه أو يحرره فيكون أولى به من قائله لكنّ الأول سابق والآخر لاحق» (٧). كقول علي بن الجهم :
وكم وففة للريح دون بلادها |
وكم عقبة للطير دون بلادي |
أخذه المعري فقال :
وسألت كم بين العقيق الى الحمى |
فجزعت من بعد النوى المتطاول |
|
وعذرت طيفك في الجفاء لأنّه |
يسري فيصبح دوننا بمراحل |
__________________
(١) المصباح ص ٨٩ ، حسن التوسل ص ٣١٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٨٠ ، جوهر الكنز ص ٢٢٨ ، الطراز ج ٣ ص ٧٨ ، خزانة الادب ص ٤٤١ ، معترك ج ١ ص ٣٩٥ ، الاتقان ج ٢ ص ٨٩ ، أنوار الربيع ج ٦ ص ١١٨ ، نفحات ص ٩٣ ، شرح الكافية ص ٢٩٠.
(٢) سر الفصاحة ص ٢٣٩.
(٣) الايضاح ص ٣٣٩ ، التلخيص ص ٣٥٠.
(٤) شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٩١ ، المطول ص ٤١٨ ، الاطول ج ٢ ص ١٨٤ ، خزانة ص ٦٩ ، شرح عقود الجمان ص ١٠٧ ، أنوار الربيع ج ٢ ص ٤٧.
(٥) اللسان (دول).
(٦) اللسان (نول).
(٧) البديع في نقد الشعر ص ٢٢٢.