بينما ينعتنني أبصرنني |
مثل قيد الرّمح يعدو بي الأغر |
|
قالت الكبرى ترى من ذا الفتى |
قالت الوسطى لها : هذا عمر |
|
قالت الصّغرى وقد تيّمتها |
قد عرفناه وهل يخفى القمر؟ |
وذكر أبيات أبي نواس والبحتري ، وقوله تعالى :(قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(١).
وكان الرازي قد تحدث عن السؤال والجواب (٢) ومثّل له بقول الباخرزي :
قد قلت هجرتني فما العلّة؟ |
صدّت وتمايلت قالت قلّه |
وأشار الى ذلك المدني بقوله : «وسماها جماعة منهم الامام فخر الدين الرازي : السؤال والجواب ...
قال الشيخ صفي الدين الحلبي في شرح بديعيته : وذكر ابن الاصبع أنّ هذا النوع من مخترعاته ، وقد وجدناه في كتب غيره بالاسم الثاني» (٣) أي : السؤال والجواب ونقل ابن مالك تعريف المصري وأمثلته (٤) ، وقال السبكي : «هي حكاية محاورة بين المتكلم وغيره وهو أعم من الالجاء» (٥) ومثّل له بأبيات وضاح اليمن التي ذكرها العلوي : «قالت الا لاتلجن درانا ...».
وقال الحموي : «المراجعة ليس تحتها كبير أمر ولو فوّض اليّ حكم في البديع ما نظمتها في أسلاك أنواعه.
وذكر ابن أبي الاصبع أنّها من اختراعاته وعجبت من مثله كيف قربها الى الذي استنبطه من الانواع البديعية الغريبة كالتهكم والافتنان والتدبيج والهجاء في معرض المدح والاشتراك والالغاز والنزاهة. ومنهم من سمّى هذا النوع أعني المراجعة السؤال والجواب» (٦).
ونقل السيوطي تعريف المصري وقال : «المراجعة ذكرها ابن مالك وعبد الباقي وغيرهما وهي حكاية التحاور بين المتكلم وغيره في البيت الواحد بألفاظ وجيزة» (٧).
وذكر المدني للترجيع والمراجعة أمثله كثيرة تدل على شيوع مثل هذا الاسلوب بين الشعراء (٨).
التّرديد :
الردّ ، مصدر : «رددت الشيء» وهو صرف الشيء ورجعه ، وردّه عن وجهه يرده ردّا صرفه ، وردّد القول بمعنى ردّه والتثقيل للكثرة (٩). والترديد هو إعادة الشيء.
قال الحاتمي : «الترديد هو تعليق الشاعر لفظة في البيت متعلقة بمعنى ثم يرددها فيه بعينها ويعلقها بمعنى آخر في البيت نفسه» (١٠).
وعدّه ابن رشيق من المجانسة (١١) ، وعقد له بابا وعرّفه بقوله : «وهو أن يأتي الشاعر بلفظة متعلقة بمعنى ثم يردها بعينها متعلقة بمعنى آخر في البيت نفسه أو في قسيم منه». وهذا كلام الحاتمي ، وذلك كقول زهير :
من يلق يوما على علّاته هرما |
يلق السماحة منه والندى خلقا |
فعلق «يلق» بـ «هرم» ثم علقها بالسماحة. وقوله :
__________________
(١) البقرة ١٢٤.
(٢) نهاية الايجاز ص ١١٤.
(٣) أنوار الربيع ج ٢ ص ٣٥٠.
(٤) المصباح ص ١٢١.
(٥) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧١.
(٦) خزانة الادب ص ٩٩.
(٧) شرح عقود الجمان ص ١٣٤ ، معترك ج ١ ص ٤١٨ ، الاتقان ج ٢ ص ٩٦.
(٨) أنوار الربيع ج ٢ ص ٣٥٠ وما بعدها.
(٩) اللسان (ردد).
(١٠) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٥٤ وينظر المنصف ص ٦١ ، الروض المريع ص ١٦٢.
(١١) العمدة ج ١ ص ٣٢٣.