«وصناعة الترصيع رفيعة الشأن في ذاتها ولكنها إذا اقترنت بعمل آخر مثل التجنيس فإنّها تزداد علوا ورفعة شأن» (١). ومنه قول بعضهم : «قد وطئت الدهماء أعقابهم وخشيت الأعداء أعقابهم» و «الكؤوس في الراحات والنفوس في الراحات» ، وقول المؤملي الكاتب :
لم نزل نحن في سداد ثغور |
واصطلام الابطال من وسط لام |
|
واقتحام الأهوال من وقت حام |
واقتسام الاموال من وقت سام |
ومنه قول الوطواط :
جلالك يا خير الملوك مساعيا |
على منبر المجد المؤثل خاطب |
|
فللحظة النكراء سيبك دافع |
وللخطة العذراء سيفك خاطب |
وكان الباقلاني (٢) قد ذكر ـ كما تقدم ـ الترصيع مع التجنيس ومثل له بقول ابن المعتز وبآية من الذكر الحكيم.
التّرقّي :
رقي الى الشيء رقيا ورقوّا وارتقى يرتقي وترقّى : صعد ، ورقّى غيره ، ويقال : ما زال فلان يترقّى به الأمر حتى بلغ غايته (٣).
قال السبكي : «هو أن يذكر معنى ثم يردف بأبلغ منه كقولك : «عالم نحرير وشجاع باسل» وهذا قد يدخل في بعض أقسام الأطناب» (٤).
ومثل له الزركشي (٥) بقوله تعالى : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)(٦) ، وقوله : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً)(٧). وذكر السيوطي تعريف السبكي ومثاله نقلا عن كتاب «التبيان» (٨). وذكر قوله تعالى : (الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ)(٩) أي قدر ما يوجد ثم مثله. وقوله : (لَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى)(١٠). أي : ولا من هو أقرب مودّة فكيف بالأبعد؟
التّزاوج :
الزوج : خلاف الفرد ، والزوج ، الفرد الذي له قرين.
وتزاوج القوم وازدوجوا : تزوّج بعضهم بعضا.
والمزاوجة والازدواج بمعنى ، وازدوج الكلام وتزاوج أشبه بعضه بعضا في السجع أو الوزن أو كان لإحدى القضيتين تعلّق بالأخرى (١١).
والتزاوج هو أن يزاوج بين معنيين في الشرط والجزاء كقول البحتري :
إذا ما نهى الناهي فلجّ بي الهوى |
أصاخت الى الواشي فلجّ بها الهجر |
وقوله :
إذا احتربت يوما ففاضت دماؤها |
تذكّرت القربى ففاضت دموعها (١٢) |
وسمّي التزاوج مزاوجة ، فالرماني قسّم التجانس الى مناسبة ومزاوجة وقال إنّ المزاوجة تقع في الجزاء (١٣) كقوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ
__________________
(١) حدائق السحر ص ٩٢.
(٢) اعجاز القرآن ص ١٤٥.
(٣) اللسان (رقا).
(٤) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٣.
(٥) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٢٩٦.
(٦) البقرة ٢٥٥.
(٧) الكهف ٤٩.
(٨) شرح عقود الجمان ص ١٣٥ ، التبيان في البيان ص ٣١٥.
(٩) الحشر ٢٤.
(١٠) البقرة ١٢٠.
(١١) اللسان (زوج).
(١٢) دلائل الاعجاز ص ٧٤ ، حسن التوسل ص ٢٨٣ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٥٤.
(١٣) النكت في اعجاز القرآن ص ٩١.