فانه اتفق له من اسم المرثي تورية حسّنت موقع هذا البيت الى أن أتى في الطبقة العليا والغاية القصوى». ونقل الحموي هذا التعريف (١).
وقال السيوطي : «وهو عزيز الوقوع جدا ، وهو أن يتفق للشاعر واقعة واسم مطابق لتلك الواقعة» (٢).
وقال المدني : «هذا النوع وإن سمي بالاتفاق إلّا أنّه قليل الاتفاق لعزة وقوعه ، وهو عبارة عن أن يتفق للمتكلم واقعة وأسماء يطابقها إما مشاهدة أو سماعا» (٣).
ومن أمثلة ذلك قول أبي تمام :
لسلمى سلامان وعمرة عامر |
وهندبني هند وسعدى بني سعد (٤) |
ومن ذلك ما اتفق للشيخ شمس الدين الكوفي الواعظ في الوزير مؤيد الدين العلقمي حيث قال :
يا عصبة الاسلام نوحي والطمي |
حزنا على ما حلّ بالمستعصم |
|
دست الوزارة كان قبل زمانه |
لابن الفرات فصار لابن العلقمي |
فاتفق أنّ المذكورين كانا وزيرين وأنّ المورّى بهما نهران ، وقد طابق الناظم بينهما بالفرات الحلو والعلقم المر.
الاتّكاء :
الاتّكاء : الاحتمال على الشيء والاعتماد عليه ، يقال : توكأ على الشيء واتكأ : تحمل واعتمد فهو متكئ ، واتكأت الرجل اتكاء إذا وسّدته حتى يتكئ (٥).
والاتكاء الحشو الذي يحتمل عليه ويعتمد ، قال ابن رشيق هو : «أن يكون في داخل البيت من الشعر لفظ لا يفيد معنى وانما أدخله الشاعر لاقامة الوزن ، فان كان ذاك في القافية فهو استدعاء. وقد يأتي في حشو البيت ما هو زيادة في حسنه وتقوية لمعناه» (٦).
ومن ذلك قول ابن المعتز :
صببنا عليها ظالمين سياطنا |
فطارت بها أيد سراع وأرجل |
فقوله «ظالمين» حشو أقام به الوزن وبالغ في المعنى أشد مبالغة من جهته.
إثبات الشّيء للشّيء :
سماه المصري «اثبات الشيء للشيء ينفيه عن غير ذلك الشيء» ، وقد عرّفه بقوله : «هو أن يقصد المتكلم أن يفرد انسانا بصفة مدح لا يشركه فيها غيره فينفي تلك الصفة في أول كلامه عن جميع الناس ويثبتها له خاصة» (٧).
وذكر السبكي هذا الفن ولم يعرفه ، واكتفى بذكر مثال له (٨).
ومثاله قول الخنساء في أخيها صخر :
وما بلغت كفّ امرئ متناولا |
من المجد إلّا والذي نلت أطول |
|
وما بلغ المهدون للناس مدحة |
وإن أطنبوا إلّا الذي فيك أفضل |
فتناوله أبو نواس فقال في الأمين :
إذا نحن أثنينا عليك بصالح |
فأنت كما نثني وفوق الذي نثني |
|
وإن جرت الألفاظ منا بمدحة |
لغيرك انسانا فأنت الذي نعني |
__________________
(١) خزانة الأدب ص ٣٦٩ ، نفحات ص ٢١٨.
(٢) شرح عقود الجمان ص ١٣٦ ، شرح الكافية ص ٢٥٢.
(٣) أنوار الربيع ج ٥ ص ١٦٤.
(٤) السلامان ؛ شجر وماء لبني شيبان ، واسم.
(٥) اللسان (وكأ).
(٦) العمدة ج ٢ ص ٦٩.
(٧) بديع القرآن ص ٣٠٣.
(٨) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٠.