تأليفه من إحدى عشرة الى اثنتي عشرة لفظة واكثره خمس عشرة لفظة ، ومنه ما يكون تأليفه من العشرين لفظة أو ما يزيد على ذلك.
وأخذ العلوي بهذا التقسيم وتابع ابن الاثير في أنّ القصير أحسن وأوعر مسلكا من الطويل وأصعب مدركا وأخف على القلب وأطيب على السمع ؛ لأنّ الألفاظ اذا كانت قليلة فهي أحسن وأرق (١).
وأضاف القزويني قسما ثالثا وهو «السجع المتوسط» (٢) كقوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)(٣).
وقسمه المتأخرون الى عدة أقسام هي : الحالي والعاطل والمرصع والمشطر والمطرف والمتماثل والمتوازن والمتوازي (٤). ولكنّ تقسيم ابن الاثير اكثر وضوحا وأقرب الى روح الفن ، ولعل اهتمام المتأخرين بالتقسيم هو الذي دفعهم الى ذلك.
والأصل في السجع الاعتدال في مقاطع الكلام ، والاعتدال مطلوب في جميع الأشياء والنفس تميل اليه بالطبع. وشرط السجع الحسن أن يصفّى من الغثاثة وأن يكون اللفظ تابعا للمعنى ، وهو كما قال عبد القاهر : «لا تجد تجنيسا مقبولا ولا سجعا حسنا حتى يكون المعنى هو الذي طلبه واستدعاه وساق نحوه وحتى تجده لا تبتغي به بدلا ولا تجد عنه حولا» (٥). وقال ابن سنان : «والمذهب الصحيح أنّ السجع محمود إذا وقع سهلا متيسرا بلا كلفة ولا مشقة وبحيث يظهر أنه لم يقصد في نفسه ولا أحضره إلا صدق معناه دون موافقة لفظه. ولا يكون الكلام الذي قبله إنما يتخيل لأجله وورد ليصير وصلة اليه» (٦). وللسجع سرّ بيّنه ابن الأثير بقوله : «واعلم أنّ للسجع سرا هو خلاصته المطلوبة فان عرّي منه فلا يعتد به أصلا ، وهذا شيء لم ينبه عليه أحد غيري ...
والذي أقوله في ذلك هو أن تكون كل واحدة من السجعتين المزدوجتين مشتملة على معنى غير المعنى الذي اشتملت عليه أختها فان كان المعنى فيهما سواء فذاك هو التطويل بعينه لأنّ التطويل إنما هو الدلالة على المعنى بألفاظ يمكن الدلالة عليها بدونها ، واذا وردت سجعتان يدلان على معنى واحد كانت إحداهما كافية في الدلالة عليه. وجلّ كلام الناس المسجوع جار عليه» (٧). ووضع للكلام المسجوع أربع شرائط :
الأولى : اختيار مفردات الألفاظ على الوجه الصحيح ، وذلك أن تكون جيدة.
الثانية : اختيار التركيب الحسن.
الثالثة : أن يكون اللفظ في الكلام المسجوع تاليا للمعنى لا المعنى تابعا للفظ.
الرابعة : أن تكون كل واحدة من الفقرتين المسجوعتين دالة على معنى غير الذي دلّت عليه أختها.
وتسمى الكلمة التي تختم بها الآية الكريمة «فاصلة» لقوله تعالى : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ)(٨) ومنع بعضهم أن يسمّى سجعا وذلك لأنّ أصل السجع من «سجع الطير» فشرف القرآن الكريم من أن يستعار لشيء فيه لفظ هو في أصل صوت الطائر ، ولأجل تشريف كتاب الله عن مشاركة غيره من الكلام في اسم السجع الواقع في كلام الناس ، ولأنّ الكتاب العزيز من صفات الله ـ عزوجل ـ فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الاذن بها وإن صّح المعنى.
__________________
(١) الطراز ج ٣ ص ٢٣.
(٢) الايضاح ص ٣٩٥.
(٣) القمر ١ ـ ٢.
(٤) معالم الكتابة ص ٦٩ ـ ٧٠ ، الفوائد ص ٢٢٦ ، خزانة الأدب ص ٤٢٣ ، نفحات ص ١٨٢ ، شرح الكافية ص ١٩٤.
(٥) أسرار البلاغة ص ١٠.
(٦) سر الفصاحة ص ٢٠١.
(٧) المثل السائر ج ١ ص ١٩٨.
(٨) فصلت ٣.