أن تقابل اللفظة أختها ولا تجمع بينهما القافية ، وكثير من الكتاب البلغاء يقصده لخلوه من التكلف وجريانه على سجية الكلام دون التصنع ، وهو اذا كان من القادر حسن واذا كان من العاجز قصور. وهو كقوله : «قلّ أهل الدين والأمانة فالى من يسكن وعلى من يعوّل» فقال : «يعوّل» في قبالة «يسكن» فلو شاء قال «يظهر ويبطن» أو «فيما يسر ويعلن». فاذا كان الكاتب متمكنا من البلاغة عدّ ذلك منه تنزلا وطلبا للاختصار واعتناء بحصول المعنى الى المخاطب بالالفاظ النقية من غير التفات الى تصنيع السجع» (١).
وقال الكلاعي : «وإنّما سمّينا هذا النوع العاطل لقلة تحليته بالاسجاع والفواصل ، وهذا النوع هو الأصل ، والتجمل بكثرة السجع فرع طارىء عليه» (٢).
التّسجيع المتماثل :
قال السيوطي : «أن يتساويا في الوزن دون التقفية ويكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية فهو بالنسبة الى المرصع كالمتوازن بالنسبة الى المتوازي» (٣). ومنه قوله تعالى : (وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ. وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(٤) فالكتاب والصراط متوازنان ، وكذلك «المستبين» و «المستقيم» واختلفا في الحرف الأخير.
التّسجيع المتوازن :
قال الرازي هو : «أن يتفقا في عدد الحروف ولا يتفقا في الحرف الأخير» (٥). وبمثل ذلك عرّفه السيوطي (٦). ومنه قوله تعالى : (وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ. وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)(٧). ثم قال الرازي «وهذا القسم خارج عن الحد المذكور» (٨). وهذا النوع سمّاه المتأخرون الموازنة وأدخلوه في المحسنات اللفظية ، قال القزويني : «وهي أن تكون الفاصلتان متساويتين في الوزن دون التقفية» (٩). وذكر الآيتين السابقتين.
التّسجيع المتوازي :
وهو أن تتفق اللفظة الأخيرة من القرينة مع نظيرتها في الوزن والرويّ (١٠). كقوله تعالى : (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ. وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ)(١١).
التّسجيع المرصّع :
وهو مقابلة كل لفظة بلفظة على وزنها ورويّها (١٢) ، كقوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ. وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)(١٣) وسماه الحلبي والنويري «الترصيع» (١٤).
التّسجيع المشطّر :
وهو أن يكون لكل نصف من البيت قافيتان مغايرتان لقافيتي النصف الأخير (١٥) ، كقول أبي تمام :
__________________
(١) معالم الكتابة ص ٧٠.
(٢) أحكام صنعة الكلام ص ٩٦.
(٣) معترك ج ١ ص ٥٠.
(٤) الصافات ١١٧ ـ ١١٨.
(٥) نهاية الايجاز ص ٣٤ ، وينظر حدائق السحر ص ١٠٦ ، حسن التوسل ص ٢٠٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٠٥.
(٦) معترك الأقران ج ١ ص ٥٠.
(٧) الغاشية ١٥ ـ ١٦.
(٨) نهاية الايجاز ص ٣٤.
(٩) الايضاح ص ٣٩٨ ، التلخيص ص ٤٠٤.
(١٠) حدائق السحر ص ١٠٥ ، نهاية الايجاز ص ٣٤ ، حسن التوسل ص ٢٠٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٠٤ ، الفوائد ٢٢٦ ، معترك ج ١ ص ٥٠ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٣.
(١١) الغاشية ١٣ ـ ١٤.
(١٢) خزانة الأدب ص ٤٢٣ ، معترك ج ١ ص ٥٠.
(١٣) الانفطار ١٣ ـ ١٤.
(١٤) حسن التوسل ص ٢٠٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٠٤.
(١٥) خزانة الأدب ص ٣٤٢.