تدبير معتصم بالله منتقم |
لله مرتغب في الله مرتقب |
التّسجيع المطرّف :
وهو أن يأتي المتكلّم في أجزاء كلامه أو بعضها بأسجاع غير متّزنة بزنة عروضية ولا محصورة في عدد معيّن بشرط أن يكون رويّ الأسجاع رويّ القافية (١).
وسمّاه ابن قيم الجوزية «المتطرّف» وقال : «هو أن تتفق الكلمتان الاخيرتان في الحرف الأخير دون الوزن» (٢).
ومن هذا الضرب قوله تعالى : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً)(٣).
التّسجيل :
السّجل : الدلو الضخمة المملوءة ماء ـ ، والسّجل : الصبّ ، يقال : سجلت الماء سجلا إذا صببته صبّا متصلا ، وأسجل الرجل : كثر خيره ، وسجّل أنعظ (٤). فالأسجال الاكثار.
قال العلوي : «هو تطويل الكلام والمبالغة فيما سيق من أجله من مدح أو ذم ، وهو نوع من الأطناب ، خلا أنّ الأطناب عام في كل مقصود من الكلام والتسجيل خاص في المبالغة في المدح أو الذم» (٥). والمثال فيه قوله ـ تعالى ـ في ذم عبادة الأوثان والأصنام وتهجين من عبد سواه فانه سجل عليهم غاية التسجيل ونعى اليهم أفعالهم وربخهم وسفّه حلومهم واستركّ عقولهم على جهة التسجيل والتنويه بما عملوا : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)(٦).
ومثاله في المدح قوله ـ تعالى ـ في صفة المؤمنين في صدر سورة البقرة حيث ذكرهم بالصفات المحمودة وأثنى عليهم بالمناقب المعهودة وبما شرح الله صدورهم بالايمان بالله تعالى وبرسوله وكتبه المنزلة وبما كان منهم من التصديق بما جاءت به من أحوال القيامة والحشر والنشر وغير ذلك.
التّسليم :
سلّمت اليه الشيء فتسلّمه أي أخذه ، والتسليم بذل الرضى بالحكم ، وأسلم أمره لله أي سلّم ، وأسلم أي دخل في السّلم وهو الاستسلام (٧).
والتسليم أقرب الى أسلوب البحث والمناظرة ، قال السبكي : «وهذا يدخل في المذهب الكلاميّ» (٨).
وهو من مبتكرات المصري الذي قال : «هو أن يفرض المتكلّم فرضا محالا إما منفيا أو مشروطا بحروف الامتناع ليكون ما ذكره ممتنع الوقوع لامتناع وقوع مشروطه ، ثم يسلّم بوقوع ذلك تسليما جدليّا ويدلّ على تقدير عدم الفائدة في وقوعه على تقدير وقوعه» (٩). كقوله تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ)(١٠).
ومنه قول الطرمّاح :
لو كان يخفى على الرحمن خافية |
من خلقه خفيت عنه بنو أسد |
__________________
(١) حدائق السحر ص ١٠٦ ، نهاية الايجاز ص ٣٤ ، حسن التوسل ص ٢٠٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٠٤ ، معترك ج ١ ص ٤٩ ، شرح عقود الجمان ص ١٥١ ، الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٣.
(٢) الفوائد ص ٢٢٦.
(٣) نوح ١٣ ـ ١٤.
(٤) اللسان (سجل).
(٥) الطراز ج ٣ ص ١٦٧.
(٦) الحج ٧٣.
(٧) اللسان (سلم).
(٨) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٠.
(٩) تحرير التحبير ص ٥٨٧ ، بديع القرآن ص ٢٩٥.
(١٠) المؤمنون ٩١.