ونقل ذلك السيوطي والمدني (١).
التّسميط :
السّمط : الخيط ما دام فيه الخرز وإلا فهو سلك ، والسمط خيط النظم لأنّه يعلق ، والسمط : الخيط الواحد المنظوم. وسمط الشيء سمطا : علّقه ، وسمّطت الشيء : علقته على السموط تسميطا ، وسمّطت الشيء : لزمته (٢).
قال المدني : «التسميط مأخوذ من «السّمط» ـ بكسر السين المهملة وسكون الميم ـ وهو خيط النظم ، كأنّهم جعلوا القافية كالسمط ، والأجزاء المسجعة بمنزلة حبات العقد ، أو من السمط بمعنى القلادة كأنّهم جعلوا البيت بتفصيله بالأجزاء المسجعة كالقلادة المفصّلة بالجواهر المتناسبة ، وهو عبارة عن أن يجعل الشاعر البيت من قصيدة أو كل بيت منها أربعة أقسام ، ثلاثة منها على سجع واحد مع مراعاة القافية في الرابع» (٣).
وقال التبريزي : «التسميط اعتماد الشاعر تصيير مقاطع الأجزاء في البيت على سجع أو شبيه به أو من جنس واحد في التصريف والتمثيل. وسمّي تسميطا تشبيها بالمسمّط في نظمه» (٤). كقول امرىء القيس :
مكر مفر مقبل مدبر معا |
كجلمود صخر حطّه السّيل من عل |
فأتى باللفظتين الاوليين مسجوعتين في تصريف واحد وجاء التاليتين شبيهتين بهما في التعديل والتمثيل.
والمراد من هذا أن تكون الأجزاء متوالية أو أن تكون مسجوعة.
ونقل البغدادي هذا الكلام (٥) ، وقال المصري : «هو أن يعتمد الشاعر تصيير بعض مقاطع الأجزاء أو كلها في البيت على سجع يخالف قافية البيت» (٦). كقوله تعالى : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً)(٧). ومنه قول مروان بن حفصة :
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا |
أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا |
ويسمّى هذا «تسميط التبعيض» ، ومنه نوع آخر يسمّى «تسميط التقطيع» وهو «أن يسجع جميع أجزاء التفعيل على رويّ يخالف رويّ القافية» (٨) كقول المصري نفسه :
وأسمر مثمر بمزهر نضر |
من مقمر مسفر عن منظر حسن |
والفرق بين التسميط والتفويف تسجيع بعض أجزاء بيت التسميط وخلوّ كل أجزاء بيت التفويف من السجع (٩). والفرق بينه وبين التسجيع كون أجزاء التسجيع على روي قافية وليس كذلك التسميط (١٠).
وتحدث المظفر العلوي عن التضمين وقال : «ويسمّى التسميط والتوشيح ، وهذا في أشعار العرب قليل جدا وقد استعمل المحدثون من ذلك ما لا يأتي عليه الاحصاء كثرة وعدّا واليسير منه دليل على الكثير.
قال الأخطل :
__________________
(١) معترك ج ١ ص ٤٦٢ ، عقود الجمان ص ١٣٢ ، انوار الربيع ج ٢ ص ٢١٤ ، نفحات ص ١٢١ ، شرح الكافية ص ٩٢.
(٢) سمط (اللسان).
(٣) أنوار الربيع ج ٦ ص ١٩٠ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ١٧.
(٤) الوافي ص ٢٩٢.
(٥) قانون البلاغة ص ٤٥٦.
(٦) تحرير التحبير ص ٢٩٥ ، بديع القرآن ص ١٠١.
(٧) الاسراء ٥٥.
(٨) تحرير ص ٢٩٥.
(٩) تحرير ص ٢٩٥.
(١٠) تحرير ص ٣٠٠.