جنوب الهذلية : «وحرب وردت ...» وكقول الحريري :
خلّ ادّكار الأربع |
والمعهد المرتبع |
|
والظاعن المودع |
وعدّ عنه ودع |
|
واندب زمانا سلفا |
سوّدت فيه الصّحفا |
|
ولم تزل معتكفا |
على القبيح الشّنيع |
وعاد السبكي والحموي والسيوطي بهذا الفن الى قول السابقين ولا سيما كلام المصري وابن مالك (١).
وأخذ المدني بتعريف ابن قيم الجوزية للقسم الثاني حينما قال : «وهو عبارة عن أن يجعل الشاعر البيت من قصيدة أو كلّ بيت منها أربعة أقسام ثلاثة منها على سجع واحد مع مراعاة القافية في الرابع» (٢) ، وذكر أبيات جنوب الهذلية وامرىء القيس والحريري وغيرها وفرّق بينه وبين التسجيع. وهذا هو تسميط التبعيض عند المصري وابن مالك. وأشار الى القسم الآخر أي تسميط التقطيع ونقل تعريف المصري وبيت شعره ثم قال : «ومنهم من يسّمي هذا النوع الموازنة ، وعدّه نوعا مستقلا» (٣).
التّسهيل :
السهولة : كل شيء الى اللين وقلة الخشونة ، وقد سهل سهولة وسهّله : صيّره سهلا. وفي الدعاء : «سهّل الله عليك الأمر ولك» أي : حمل مؤونته عنك وخفّف عليك ، والتسهيل : التيسير (٤).
قال المدني : «التسهيل أدخلها بعضهم في نوع الانسجام ، وذكرها التيفاشي مضافة الى باب الظرافة وسمّاها قوم التظريف ، وذكرها ابن سنان الخفاجي في كتاب «سر الفصاحة» وقال في مجمل كلامه : «هي خلو اللفظ من التكلّف والتعقيد والتعسف في السبك ، لا كما قال بعضهم :
وقبر حرب بمكان قفر |
وليس قرب قبر حرب قبر |
وهذا من أعقد الكلام وأشده تنافرا» (٥).
وعقد ابن منقذ بابا باسم «الظرافة والسهولة» (٦) ، وفعل مثله الحموي الذي قال : «السهولة ذكرها التيفاشي مضافة الى باب الظرافة وشركها قوم بالانسجام ، وذكرها ابن سنان الخفاجي في كتابه «سر الفصاحة» فقال في مجمل كلامه : «هو خلوص اللفظ من التكلف والتعقيد والتعسف في السبك».
وقال التيفاشي : السهولة أن يأتي الشاعر بألفاظ سهلة تتميز على ما سواها عند من له أدنى ذوق من أهل الأدب ، وهي تدلّ على رقة الحاشية وحسن الطبع وسلامة الرويّة» (٧). ومنه قول الشاعر.
ألست وعدتني يا قلب أنّي |
إذا ما تبت عن ليلى تتوب |
|
فها أنا تائب عن حبّ ليلى |
فمالك كلما ذكرت تذوب؟ |
وقول أبي العتاهية :
أتته الخلافة منقادة |
اليه تجرّر أذيالها |
|
فلم تك تصلح إلا له |
ولم يك يصلح إلا لها |
__________________
(١) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٦٨ ، خزانة الادب ص ٤٣٤ ، شرح عقود الجمان ص ١٥٢.
(٢) أنوار الربيع ج ٦ ص ١٩٠.
(٣) أنوار الربيع ج ٦ ص ١٩٩ ، نفحات ص ١٣١ ، شرح الكافية ص ١٩٦.
(٤) اللسان (سهل).
(٥) أنوار الربيع ج ٦ ص ٢٧٠ ويتضح من عبارته انه يريد (السهولة).
(٦) البديع في نقد الشعر ص ١٣٤.
(٧) خزانة الأدب ص ٤٥٤.