ثم قال الحموي : «ومذهبي أنّ البهاء زهير قائد عنان هذا النوع وفارس ميدانه».
وسمّى المدني هذا النوع «التسهيل» وذكر كلام الحموي» (١) ، ومعنى ذلك أنّ التسهيل عنده السهولة التي ذكرها السابقون.
التّسهيم :
المسهّم : البرد المخطّط ، وبرد مسهّم مخطّط بصور على شكل السهام (٢).
وقال المدني : «التسهيم مأخوذ من البرد المسهّم أي المخطط ، وهو الذي يدل أحد سهامه على الذي يليه لكون لونه يقتضي أن يليه لون فحصوص بمجاورة الذي قبله أو بعده منه» (٣).
والتسهيم الإرصاد وقد تقدم ، وسمّاه قدامة والعسكري «التوشيح» (٤) ، ويقال إنّ الذي سماه تسهيما علي بن هارون وسماه ابن وكيع «المطمع» (٥).
وفرّق صفي الدين الحلي بينه وبين التوشيح وقال : «ومن المؤلفين من سماه التوشيح ، والتوشيح غيره ، والفرق بينهما من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ التسهيم يعرف به من أول الكلام آخره ، ويعلم مقطعه من حشوه من غير أن تتقدم سجعة النثر أو قافية الشعر ، والتوشيح لا يعلم السجعة والقافية منه إلا بعد تقدم معرفتها.
والآخر : أنّ التوشيح لا يدلّك أولّه إلا على القافية فحسب ، والتسهيم يدلك تارة على عجز البيت وطورا على ما دون العجز بشرط الزيادة على القافية.
والثالث : أنّ التسهيم يدلّ تارة أوله على آخره وطورا آخره على أوله بخلاف التوشيح» (٦).
وكان المظفّر العلوي قد تكلّم على التسهيم كلاما يختلف عن كلام البلاغيين الآخرين ، قال : «سئل جماعة ممن يتعاطى علم البديع ونقد الشعر الصنيع عن التسهيم فما منهم من أجاب بجواب التفهيم ولم يحصل من إشاراتهم اليه ونصوصهم عليه سوى أنّ المسهّم هو الذي يسبق السامع الى قوافيه قبل أن ينتهي اليها راوية. قلت : ليس هذا اللقب دالا على هذا المعنى فإن كان الملقب قصد الاغراب به فقد أبعد المرمى وزلّ عن النهج الأقوم. وإنّما التسهيم التخطيط والبرد المسهّم : المخطط. وكان الأجدر أن يقال : إنّ التسهيم في الشعر هو التحسين له والتنقيح لألفاظه ومعانيه بالبرد المحسّن بالتسهيم حتى يكون هذا النوع من الشعر معناه الى قلبك أسرع من ألفاظه الى سمعك. ولو سمّي المطمع أي من سمعه يطمع في قول مثله وهو من ذاك بعيد لجاز» (٧). ولكنه بعد ذلك فسّره كما فسّره الآخرون.
التّسويم :
السومة والسيمة والسيماء والسيمياء : العلامة ، وسوّم الفرس جعل عليه السيمة ، والمسوّمة :
__________________
(١) أنوار الربيع ج ٦ ص ٢٧٠.
(٢) اللسان (سهم).
(٣) أنوار الربيع ج ٤ ص ٣٣٦.
(٤) نقد الشعر ص ١٩١ ، كتاب الصناعتين ص ٣٨٢.
(٥) ينظر حلية المحاضرة ج ١ ص ١٥٢ ، العمدة ج ٢ ص ٣١ ، الوافي ص ٢٧١ ، قانون البلاغة ص ٤٤٣ ، البديع في نقد الشعر ص ١٢٧ ، الرسالة العسجدية ص ١٥٢ ، التبيان ص ١٨٣ ، منهاج البلغاء ص ٩٤ ، المصباح ص ٨٩ ، حسن التوسل ص ٢٦٦ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٤٢ ، جوهر الكنز ص ٢٨٤ ، الفوائد ص ٧٥ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٣٠٥ ، المطول ص ٤٢٢ ، خزانة الأدب ص ٣٧٤ ، الأطول ج ٢ ص ١٩٠ ، أنوار الربيع ج ٤ ص ٣٣٦ ، حلية اللب ص ١٣٤.
والمنزع البديع ص ٣٥٩ ، نفحات ص ١٣٥ ، كفاية ص ١٨٠ ، شرح الكافية ص ٢٦٨.
(٦) أنوار الربيع ج ٤ ص ٣٣٦.
(٧) نضرة الاغريض ص ١١٦.