إنّ القلوب إذا تنافر ودّها |
مثل الزجاجة كسرها لا يشعب |
وتزيينه للترغيب كقول ابن الرومي :
تقول هذا مجاج النحل تمدحه |
وإن تعب قلت : ذا قيء الزنابير |
واستطرافه كقول أبي تمام :
يرى أقبح الأشياء أوبة آمل |
كسته يد المأمول حلّة خائب |
|
وأحسن من نور تفتحه الصبّا |
بياض العطايا في سواد المطالب |
وأغراض التشبيه الراجعة الى المشبه به تكون في الغالب إيهام أنّ المشبه به أتم من المشبه في وجه الشبه ، وذلك في التشبيه المقلوب كقول محمد بن وهيب :
وبدا الصباح كأنّ غرّته |
وجه الخليفة حين يمتدح |
والتشبيه أنواع كثيرة ، ومن هذه الأنواع التي ذكرتها المصادر القديمة :
تشبيه أربعة بأربعة :
هو أن تشبّه أربعة أشياء بأربعة أشياء كقول امرئ القيس :
له أيطلا ظبي وساقا نعامة |
وإرخاء سرحان وتقريب تتفل (١) |
وكقول أبي نواس :
تبكي فتذري الدرّ من نرجس |
وتلطم الورد بعنّاب (٢) |
تشبيه الإضمار :
قال الوطواط : «تشبيه الاضمار وتكون هذه الصفة بأن يشبه الشاعر شيئا بشيء آخر بحيث يبدو من ظاهر العبارة أنّ المقصود شيء آخر وليس هذا التشبيه بينما يقصده الشاعر في ضميره هو نفس هذا التشبيه» (٣) ، كقول المتنبي :
ومن كنت بحرا له يا عليّ |
لم يقبل الدرّ إلا كبارا |
فقد بدا من ظاهر البيت أنّ المقصود هو طلب الدر الثمين في حين أنّ مقصود الشاعر تشبيه الممدوح بالبحر.
ومنه قول الوطواط نفسه :
إن كان وجهك شمعا |
فما لجسمي يذوب |
ظاهر البيت يوحي أنّه يتعجب من ذوبان جسده في حين أنّ مقصوده الذي يضمره هو تشبيه وجه المعشوق بالشمع.
ومنه قوله أيضا :
وأمرع آمالي بفيض يمينه |
وهل تجدب الآفاق والغيث هاطل |
وقال الحلبي والنويري : «هو أن يكون مقصوده التشبيه بشي فدلّ ظاهر لفظه أنّ مقصوده غيره» (٤) ، ومثاله بيت المتنبي : «ومن كنت ...»
التّشبيه البعيد :
هو التشبيه الذي يحتاج الى تفسير ولا يقوم بنفسه ،
__________________
(١) الايطلان : الكشحان وهو ما بين آخر الضلوع الى الورك. السرحان : الذئب. التتفل : ولد الثعلب.
(٢) حسن التوسل ص ١٢٠ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٤٦ ، تحرير التحبير ص ١٦٣ ، شرح عقود الجمان ص ٨٧. والعناب : شجر حبه يشبه الزيتون واجوده الاحمر.
(٣) حدائق السحر ص ١٤٧.
(٤) حسن التوسل ص ١١٨ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٤٤ ، وينظر شرح عقود الجمان ص ٩١.