تشبيه شيء بشيء :
وهو معظم التشبيهات المعروفة التي يكون الربط فيها بين مشبه واحد ومشبه به واحد. ويأتي على وجوه منها : تشبيه الشيء بالشيء صورة كقوله تعالى :(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)(١).
ومنها تشبيه الشيء بالشيء لونا وحسنا كقوله تعالى : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)(٢) ومنها تشبيهه به لونا وسبوغا كقول امرئ القيس :
ومشدودة السّكّ موضونة |
تضاءل في الطيّ كالمبرد |
|
يفيض على المرء أردانها |
كفيض الأتيّ على الجدجد (٣) |
ومنها تشبيهه بها لونا وصورة كقول النابغة :
تجلو بقادمتي حمامة أيكة |
بردا أسفّ لثاته بالإثمد (٤) |
|
كالأقحوان غداة غبّ سمائه |
جفّت أعاليه وأسفله ند |
ومنها ما يتضمن معنى اللون وحده كقول زهير :
زجرت عليه حرّة أرحبية |
وقد كان لون الليل مثل اليرندج (٥) |
ومنها ما تشبيهه به حركة كقول عنترة :
غردا يحكّ ذراعه |
قدح المكبّ على الزّناد الأجذم |
ومنها تشبيهه به معنى كقول النابغة :
فانك شمس والملوك كواكب |
إذا طلعت لم يبد منهن كوكب |
وقوله :
فانك كالليل الذي هو مدركي |
وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع (٦) |
تشبيه شيء بشيئين :
وهو أن يشبه شيء واحد بشيئين (٧) كقول امرىء القيس :
وتعطو برخص غير شثن كأنّه |
أساريع رمل أو مساويك إسحل (٨) |
تشبيه شيئين بشيئين :
قال الحاتمي : «أجمع أهل العلم بالشعر كأبي عمرو بن العلاء والأصمعي وغيرهما بأنّ أحسن التشبيه ما يقابل به مشبهان بمشبهين» (٩).
وقال الحموي : «هذا النوع ـ أعني تشبيه شيئين بشيئين ـ من المحاسن العزيزة الوقوع بخلاف كبيرة العدد في التشبيه فان ذلك نوع اللف والنشر أحق به.
وهو في الاصطلاح أن يقابل الشاعر بين الأربعة ويلتزم أنّ كل واحد من المشبه يسدّ مسدّ المشبه به. ومما حكي عن بشار بن برد أنّه قال : «ما زلت منذ سمعت قول امرئ القيس في وصف العقاب :
كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا |
لدى وكرها العنّاب والحشف البالي |
لا يأخذني الهجوع حسدا له الى أن قلت في وصف
__________________
(١) يس ٣٩.
(٢) الصافات ٤٩.
(٣) السك : الدرع الضيقة الحلق. الموضونة : الدرع المنسوجة او المقاربة النسج. الجدجد : الأرض المستوية.
(٤) الإثمد : حجر يكتحل به.
(٥) اليرندج : جلد أسود ، أو السواد يسود به الخف.
(٦) كتاب الصناعتين ص ٢٤٥ وما بعدها.
(٧) العمدة ج ١ ص ٢٩١ ، تحرير ص ١٦٢ ، حسن التّوسّل ص ١١٩ ، نهاية الأرب ج ٧ ص ٤٥.
(٨) تعطو : تتناول. الشثن : الخشن. أساريع : دود يكون في الرمل. الأسحل : شجر له غصون دقاق.
(٩) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٧٠.