الحرب :
كأنّ مثار النقع فوق رؤوسنا |
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه (١) |
وقال المدني : «هذا النوع عبارة عن أن يأتي المتكلم بشيئين ويقابلهما بشيئين لأجل التشبيه» (٢) وهو على نوعين :
الأول : أن يكون المقصود تشبيه كل جزء من جزء أحد طرفي التشبيه بما يقابله من الطرف الآخر ، كقول امرئ القيس : «كأنّ قلوب الطير ...».
الثاني : أن يكون المقصود تشبيه هيئة حاصلة من مجموع جزئي أحد الطرفين بالهيئة الحاصلة من مجموع جزئي الطرف الآخر وإن كان الظاهر فيه تشبيه شيئين بشيئين ، وهو نوعان :
أحدهما : ما يكون بحيث يحسن تشبيه كل جزء من جزئي أحد طرفيه بما يقابله من الطرف الآخر كقول الشاعر :
وكأنّ أجرام النجوم لوامعا |
درر نثرن على بساط أزرق |
وثانيهما : ما لا يكون كذلك كقول القاضي التنوخي :
كأنّما المريخ والمشتري |
قدّامه في شامخ الرفعه |
|
منصرف بالليل عن دعوة |
قد أسرجت قدّامه شمعه |
وهذا لا يصح كالسابق أن ينظر اليه بانفراد وإنّما تشبه الهيئة الحاصلة من المريخ حال كون المشتري أمامه بالهيئة الحاصلة من المنصرف عن الدعوة مسرجا الشمعة قدامه. وهذا هو تشبيه المركب بالمركب ، قال المدني : «وإنّما أطلق عليه البديعيون تشبيه شيئين بشيئين باعتبار تعدد طرفيه» (٣).
تشبيه صورة بصورة :
قال ابن الأثير الحلبي إنّ التشبيه لا يخلو من ثلاثة أحوال : تشبيه معنى بصورة ، وتشبيه معنى بمعنى ، وتشبيه صورة بصورة كقوله تعالى : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ)(٤) فشبه صورة أجسام الفلك في عظمها بالجبال (٥).
تشبيه صورة بمعنى :
قال ابن الاثير الحلبي : «وأما تشبيه صورة بمعنى كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه عبد الله بن مسعود أنّه خطّ خطا مريعا في وسطه خط ، الى جانبه خطوط ثم خط خطا خارجا وقال : «أتدرون ما هذه الخطوط؟» قلنا : «الله ورسوله اعلم». فقال : «الخطّ المربّع هو الأجل والخطّ الذي في وسطه هو الانسان ، والخطوط التي حوله الأعراض التي تنهشه إن تركه هذا نهشه هذا. والخط الذي هو خارج المربع هو الأمل» (٦).
التّشبيه العجيب :
عدّ المبرد من التشبيه العجيب قول ذي الرمة في صفة الظليم :
شخت الجزارة مثل البيت سائره |
من المسوح خدبّ شوقب خشب (٧) |
__________________
(١) خزانة الأدب ص ١٨٩ ، وينظر العمدة ج ١ ص ٢٩٠ ، تحرير ص ١٦٣ ، حسن التوسل ص ١٢٠ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٤٥ ، نفحات ص ١٩٧ ، شرح الكافية ص ٢٣١.
(٢) أنوار الربيع ج ٥ ص ٣٠٥.
(٣) أنوار الربيع ج ٥ ص ٣٠٦.
(٤) الرحمن ٢٤.
(٥) جوهر الكنز ص ٦٠.
(٦) جوهر الكنز ص ٦١.
(٧) الشخت : الدقيق القوائم. الخدب : الضخم. الشوقب : الطويل. الخشب : الغليظ الخشن.