الشيء بالمسك في الرائحة مقبول لأنّ المسك أعرف الأشياء ولو شبه به في السواد لكان مردودا لانه ليس معروفا من هذا الجهة عرفانه من تلك. قال السيوطي : «قال عبد الباقي اليمني في كتابه : «اللهم إلا أن يذكر الغرض مصرحا به كقول القائل :
أشبهك المسك وأشبهته |
في لونه قائمة قاعده |
|
لا شكّ إذ لونكما واحد |
أنّكما من طينة واحده |
غرضه ذكر اللون ؛ لأنّ محبوبته سوداء ، وعلل ذلك بكونهما من طينة واحدة» (١).
التّشبيه المرسل :
هو التشبيه الذي تذكر في أداته (٢) كقوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً)(٣) وقوله : (عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ)(٤). ومنه قول البحتري :
وإذا الأسنّة خالطتها خلتها |
فيها خيال كواكب في الماء |
التّشبيه المركّب :
هو التشبيه الذي يتّحد فيه المشبه والمشبه به ويكون مركبا من شيئين أو أكثر. وهو غير التشبيه المتعدد الذي يكون جمعا للصور التشبيهية من غير تركيب (٥) وقد تقدم الكلام على التشبيه المتعدد.
وقال السجلماسي : «التشبيه المركب هو أن يقع التخييل في القول والتشبيه والتمثيل فيه لشيئين بشيئين وذاتين بذاتين» (٦) ، وأدخل فيه بعض الامثلة التي أدخلها غيره في التمثيل.
تشبيه المركّب بالمركّب :
وهو أن يكون كل من الطرفين كيفية حاصلة من مجموع أشياء قد تضامّت وتلاحقت حتى صارت شيئا واحدا (٧) كقول بشار :
كأنّ مثار النّقع فوق رؤوسنا |
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه |
وهو تشبيه شيئين بشيئن ، قال المدني : «وإنّما أطلق عليه البديعيون تشبيه شيئين بشيئين باعتبار تعدد طرفيه» (٨). وقد تقدم.
تشبيه المركّب بالمفرد :
وهو كقول أبي تمام :
يا صاحبي تقصّيا نظريكما |
تريا وجوه الأرض كيف تصوّر |
|
تريا نهارا مشمسا قد زانه |
زهر الرّبى فكأنما هو مقمر |
فالمشبه وهو «نهار مشمس قد زانه زهر الربى» مركب ، والمشبه به مفرد وهو «مقمر» (٩).
التّشبيه المستحسن :
عدّ المبرّد من التشبيه المستحسن قول علقمة بن عبدة :
__________________
(١) شرح عقود الجمان ص ٩٠.
(٢) الايضاح ص ٢٦٣ ، التلخيص ص ٢٨٨ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٤٦٧ ، المطوّل ص ٣٤٤ ، الاطول ج ٢ ص ١٠٦ ، معترك ج ١ ص ٢٧٣ ، الاتقان ج ٢ ص ٤٣ ، شرح عقود الجمان ص ٩٠.
(٣) البقرة ١٧.
(٤) الحديد ٢١.
(٥) أسرار البلاغة ص ١٧٦.
(٦) المنزع البديع ص ٢٢٩.
(٧) جوهر الكنز ص ٦١ ، الطراز ج ١ ص ٢٨٩ ، شرح عقود الجمان ص ٨٦ ، الاطول ج ٢ ص ٩٦.
(٨) انوار الربيع ج ٥ ص ٣٠٦.
(٩) جوهر الكنز ص ٦٢ ، الطراز ج ١ ص ٢٩٥ ، شرح عقود الجمان ص ٨٦.