وهكذا الحال إذا كانا حاصلين على جهة الاستواء فلا مبالغة في ذلك فاذن لا بدّ من اعتبار الزيادة» (١).
التّشبيه المطلق :
قال الوطواط : «التشبيه المطلق ويكون بتشبيه شيء بشيء آخر بواسطة أداة التشبيه وبدون شرط أو عكس أو تفضيل أو ما شابه ذلك (٢).
وقال الحلبي والنويري : «هو أن تشبه شيئا بشيء من غير عكس ولا تبديل» (٣). وباب التشبيهات المطلقة واسع ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)(٤) ، وقوله : (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ)(٥) ، وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الناس كأسنان المشط».
ومن ذلك قول البحتري :
كأنّما تبسم عن لؤلؤ |
منضّد أو برد أو أقاح |
وقول الصاحب بن عباد :
أتتني بالأمس أبياته |
تغلّل روحي بروح الجنان |
|
كبرد الشّراب وبرد الشّبا |
ب وظلّ الأمان ونيل الأماني |
|
وعهد الصّبا ونسيم الصّبا |
وصفو الدنان ورجع القيان |
التّشبيه المعرّى :
عدّ المظفر العلوي من التشبيه المعرّى قول النابغة :
مقذوفة بدخيس النّحض بازلها |
له صريف صريف القعو بالمسد (٦) |
وقال : إنّ أهل البديع يسمونه «التشبيه المعرّى» فاذا شبّهوا ما له حركة وجرس نصبوا كما قالوا : «صريف صريف» نصبا ، وإذا لم يكن كذلك رفعوا كما يقول القائل : «له رأس رأس الأسد» رفعا (٧).
تشبيه المعقول بالمحسوس :
هو إخراج ما لا تقع عليه الحاسة الى ما تقع عليه الحاسة ، وذلك أن يكون المشبه عقليا والمشبه به حسيا (٨) كقوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ)(٩). وقد تقدم في طرفي التشبيه.
تشبيه المعقول بالمعقول :
وذلك أن يكون المشبه والمشبه به عقليين كقول الشاعر :
ربّ حيّ كميّت ليس فيه |
أمل يرتجى لنفع وضرّ |
|
وعظام تحت التراب وفوق ال |
أرض منها آثار حمد وشكر (١٠) |
قال الحموي : «إنّ هذا النوع في هذا الباب ليس له مواقع المحسوسات وأحسن ما وجدت فيه أعني تشبيه المعقول بالمعقول قول أبي الطيّب المتنبي :
__________________
(١) الطراز ج ١ ص ٣٠٤.
(٢) حدائق السحر ص ١٣٩.
(٣) حسن التوسل ص ١١٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٤٢.
(٤) يس ٣٩.
(٥) الحاقة ٧.
(٦) مقذوفة : مرمية باللحم رميا. الدخيس : الذي ادمج من كثرته وصلابته. النحض : اللحم.
بازلها : يعني سنها التي بزلت به أي انشق نابها.
صريف : صرير. القعو! البكرة التي يدور فيها المحور إذا كان من الخشب. المسد : الحبل من ليف.
(٧) نضرة الاغريض ص ١٧٠.
(٨) حسن التوسل ص ١٠٨ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٤٠ ، خزانة الأدب ص ١٨٢.
(٩) العنكبوت ٤١.
(١٠) حسن التوسل ص ١٠٨ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٣٩.