ماءً)(١) ، فشبّه ما لا يدرك بالحاسة وهو الأعمال بما يدرك بالحاسة وهو السراب» (٢). وهذا من تشبيه المعقول بالمحسوس وقد تقدم.
تشبيه المعنى بالمعنى :
قال ابن الاثير الحلبي : «وأمّا تشبيه معنى بمعنى ، كقولك : «زيد أسد» فانّ الغرض تشبيه الشجاعة التي هي معنى في زيد بالشجاعة التي هي معنى في الأسد» (٣).
تشبيه المفرد بالمركّب :
وهو أن يكون المشبه مفردا والمشبه به غير مفرد كقوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ، الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ)(٤). وقول أبي نواس :
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشّفت |
له عن عدوّ في ثياب صديق |
وقول أبي تمام :
خذها مثقّفة القوافي ربّها |
لسوابغ النّعماء غير كنود |
|
كالدرّ والمرجان ألف نظمه |
بالشذر في عنق الفتاة الرّود (٥) |
تشبيه المفرد بالمفرد :
قد يكون المشبه والمشبه به مقيدين كقولهم لمن لا يحصل من سعيه على طائل : «هو كالراقم على الماء» ، فالمشبه الساعي مفرد مقيد بأن لا يحصل من سعيه على شي والمشبه به الراقم مقيد بكون رقمه على الماء لأنّ وجه الشبه هو التسوية بين الفعل وعدمه وهو موقوف على اعتبار هذين القيدين.
أو يكونان غير مقيدين كتشبيه الخد بالورد.
أو يكونان مختلفين نحو «والشمس كالمرآة في كفّ الأشلّ» المشبه به وهو المرآة مقيد بكونه في كف الأشلّ بخلاف المشبه وهو الشمس. وعكسه نحو : «المرآة في كف الأشل كالشمس». ومنه قوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ)(٦). وقوله :(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً)(٧).
وقول المتنبي :
وإذا اهتزّ للندى بحرا |
واذا اهتزّ للوغى كان نصلا |
|
وإذا الأرض أظلمت كان شمسا |
وإذا الارض امحلت كان وبلا |
وقول البحتري :
تبسّم وقطوب في ندى ووغى |
كالرعد والبرق تحت العارض البرد (٨) |
التّشبيه المفرط :
عدّ المبرّد من التشبيه المفرط المتجاوز قولهم للسخي : «هو كالبحر» وللشجاع «هو كالأسد» (٩).
التّشبيه المفروق :
هو ما أتي بالمشبه والمشبه به واحدا بعد الآخر كقول المرقش الأكبر :
النّشر مسك والوجوه دنا |
نير وأطراف الأكفّ عنم |
__________________
(١) النور ٣٩.
(٢) جوهر الكنز ص ٦٠.
(٣) جوهر الكنز ص ٦١.
(٤) النور ٣٥.
(٥) جوهر الكنز ص ٦٢ ، الطراز ج ١ ص ٢٩٢ ، شرح عقود الجمان ص ٨٦.
(٦) البقرة ١٨٧.
(٧) النبأ ١٠.
(٨) جوهر الكنز ص ٦١ ، الطراز ج ١ ص ٢٨٦ ، شرح عقود الجمان ص ٨٦ ، الأطول ج ٢ ص ٩٢.
(٩) الكامل ج ٣ ص ٨٥٣.