فكأنّ فروة رأسه من شعره |
رعيت فأنبت جانباها فلفلا |
رابعها : قول بشر بن أبي خازم بن عمرو الأسدي يشبّه عروق الأرطى إذ حفر أصله الثور باظلافه بالأعنّة :
يثير ويبدي عن عروق كأنّها |
أعنّه خرّاز تخطّ وتبشر |
خامسها : قول الطرّماح في وصف النعام :
مجتاب شملة برجد لسراته |
قدرا وأسلم ما سواها البرجد (١) |
سادسها : قول ذي الرّمة في تشبيه الليل :
وليل كجلباب العروس ادّرعته |
بأربعة والشّخص في العين واحد |
|
أحمّ علافيّ وأبيض صارم |
وأعيس مهريّ وأروع ماجد |
سابعها : قول مضرّس بن ربعي في صفة نعامة :
صفراء عارية الأكارع رأسها |
مثل المدقّ وأنفها كالمبرد (٢) |
ونقل ابن رشيق ما ذكره الحاتمي ثم قال : «وفي الشعر من هذا صدر جيد ، وفي القرآن تشبيه كثير» (٣).
التّشبيهات المجتمعة :
قال الرازي : «إنّما يكون كذلك إذا كان التشبيه في أمور كثيرة لا يتقيد البعض بالبعض وحينئذ يكون ذلك تشبيهات مضموما بعضها الى بعض لأغراض كثيرة وكل واحد منفرد بنفسه.
ولهذا النوع خاصيتان :
الأولى : أنّه لا يجب فيها الترتيب ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «زيد كالأسد بأسا ، والبحر جودا ، والسيف مضاء ، والبدر بهاء» لم يجب عليك أن تحفظ لهذه التشبيهات نظاما.
الثانية : اذا اسقط البعض فإنّه لا يتغير حال الباقي كقولهم : «هو يصفو ويكدر ويحلو ويمر» ، ولو تركت ذكر الكدورة والمرارة وجدت المعنى في تشبيهك له بالماء في الصفاء وبالعسل في الحلاوة باقيا على حقيقته» (٤).
ومن التشبيهات المجتمعة قول امرئ القيس :
كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا |
لدى وكرها العنّاب والحشف البالي |
فليست لمضامّة الرطب في القلوب الى اليابس منها هيئة يقصد ذكرها أو يعنى بأمرها ، ولا لاجتماع الحشف البالي مع العناب. ولو فرّق التشبيه فقيل كأنّ الرطب في القلوب عناب وكأن اليابس حشف لم يكن أحد التشبيهين موقوفا في الفائدة على الآخر.
ونظيره في جمع التشبيهات قول المتنبي :
بدت قمرا ومالت خوط بان |
وفاحت عنبرا ورنت غزالا |
فهما تشبيهان كل واحد مستقل بنفسه وليس بينهما امتزاج فيحصل منه شيء واحد. وهذا ما ذكره عبد القاهر من قبل حينما تكلم على التشبيه المتعدد والفرق بينه وبين المركب (٥) ، ويكاد كلام الرازي يكون نقلا لذلك. وقد تقدم ذلك في «التشبيه المتعدد».
التّشديد :
هو الإعنات والالتزام والتضييق ولزوم ما لا يلزم (٦). وقد تقدّم.
__________________
(١) مجتاب : لابس. البرجد : كساء مخطط. سراته :
ظهره.
(٢) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٧٨.
(٣) العمدة ج ١ ص ٢٩٦ ، وينظر نضرة الاغريض ص ١٦٤.
(٤) نهاية الإيجاز ص ٦٨.
(٥) أسرار البلاغة ص ١٧٦.
(٦) حسن التّوسّل ص ٢٢٠ ، نهاية الأرب ج ٧ ص ١١٣ ، الفوائد ص ٢٣٤ ، أنوار الربيع ج ٦ ص ٩٣ ، نفحات ص ٣١٦.