التهامي :
طيف ألمّ فزاد في آلامي |
ألما ولم أعهده ذا إلمام |
وقوله :
تخمد الحرب حين تغمد بأسا |
وتسيل الدماء حين تسلّ |
وردّ الأعجاز على الصدور أو التصدير عند ابن الاثير من باب التجنيس ، قال : «ورأيت الغانمي قد ذكر في كتابه بابا وسمّاه «ردّ الأعجاز على الصدور» خارجا عن باب التجنيس وهو ضرب منه وقسم من جملة أقسامه» (١). والى ذلك ذهب الخطيبي ، وقد قال السبكي إنّه «من أنواع التحسين اللفظية لا من الجناس كما توهمه الخطيبي» (٢).
وهذا الفن عند السكاكي والقزويني وشراح التلخيص ومن تبعهم من المحسنات اللفظية ، وقد أفردوه عن التجنيس (٣).
التّصرّف :
صرّف الشيء : أعمله في وجه كأنّه يصرفه عن وجه الى وجه ، وتصرف هو ، وتصاريف الأمور :
تخاليفها ، ومنه تصاريف الرياح والسحاب (٤).
والتصرّف من مبتدعات المصري ، قال : «هو أن يأتي الشاعر الى معنى فيبرزه في عدة صور تارة بلفظ الاستعارة وطورا بلفظ الإيجاز وآونة بلفظ الإرداف وحينا بلفظ الحقيقة» (٥). كقول امرئ القيس :
وليل كموج البحر أرخى سدوله |
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي |
|
فقلت له لمّا تمطّى بصلبه |
وأردف أعجازا وناء بكلكل |
فإنّه أبرز هذا المعنى في لفظ الاستعارة ثم تصرّف فيه فأتى به بلفظ الايجاز فقال :
فيا لك من ليل طويل كأنّه |
بكلّ مغار الفتل شدّت بيذبل |
فان التقدير : فيا لك من ليل طويل ، فحذف الصفة لدلالة التشبيه عليها. ثم تصرّف فيه فأخرجه بلفظ الإرداف فقال :
كأنّ الثريا علّقت في مصامها |
بأمراس كتّان الى صمّ جندل |
ثم تصرف فيه فعبر عنه بلفظ الحقيقة فقال :
ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي |
بصبح وما الإصباح منك بأمثل |
وهذا يدلّ على قوة الشاعر وقدرته ، ولذلك أتت قصص القرآن الكريم في صور شتى من البلاغة وما بين الايجاز والاطناب واختلاف معاني الألفاظ.
وسمّى المصري هذا الفن «الاقتدار» أيضا وقال : «هو أن يبرز المتكلم المعنى الواحد في عدة صور اقتدارا منه على نظم الكلام وتركيبه وعلى صياغة قوالب المعاني والأغراض ، فتارة يأتي به لفظ الاستعارة وطورا يبرزه في صورة الإرداف وآونة يخرجه مخرج الايجاز ، وحينا يأتي به في ألفاظ الحقيقة» (٦).
ونقل الحلبي والنّويري هذا الفن وأمثلته منه وسمياه
__________________
(١) المثل السائر ج ١ ص ٢٥١ ، الجامع الكبير ص ٢٥٨ ، كفاية الطالب ص ١٤١.
(٢) عروس الأفراح ج ٤ ص ٤٣٣.
(٣) مفتاح العلوم ص ٢٠٣ ، المصباح ص ٧٧ ، الايضاح ص ٣٩٠ ، التلخيص ص ٣٩٣ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٣٣ ، المطول ص ٤٤٩ ، الأطول ج ٢ ص ٢٢٨ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٨ ، معترك ج ١ ص ٤٨ ، وينظر الروض المريع ص ١٦٢.
(٤) اللسان (صرف).
(٥) تحرير التحبير ص ٥٨٢.
(٦) بديع القرآن ص ٢٨٩.