التصرف (١). كما سماه المصري في «تحرير التحبير».
التّصريح بعد الإبهام :
صرّحت الخمر تصريحا انجلى زبدها فخلصت ، وصرّح فلان بما في نفسه وصارح : أبداه وأظهره ، والتصريح خلاف التعريض (٢).
والتصريح بعد الإبهام هو التفسير وقد سمّاه كذلك ابن قيم الجوزية فقال : «التصريح» بعد الابهام ويسمى التفسير» (٣). والتفسير «في اللغة تفعيل من الفسر ، وهو البيان والكشف ، وقيل : هو مقلوب السفر ، يقال : أسفر الصباح : إذا أضاء» (٤). وسمّاه بعضهم «التبيين» (٥) ، وعدّه قدامة من أنواع المعاني وسمّاه «صحة التفسير» وقال : هي «أن يضع الشاعر معاني يريد أن يذكر أحوالها في شعره الذي يصنعه فاذا ذكرها أتى بها من غير أن يخالف معنى ما أتى به منه ولا يزيد أو ينقص» (٦) كقول الفرزدق :
لقد جئت قوما لو لجأت اليهم |
طريد دم أو حاملا ثقل مغرم |
فلما كان هذا البيت محتاجا الى التفسير قال :
لألفيت منهم معطيا ومطاعنا |
وراءك شزرا بالوشيج المقوّم (٧) |
وقال العسكري : «هو أن يورد معاني فيحتاج الى شرح أحوالها فاذا شرحت تأتي في الشرح بتلك المعاني من غير عدول عنها أو زيادة تزاد فيها» (٨) ، كقوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)(٩). فجعل السكون لليل وابتغاء الفضل للنهار ، فهو في غاية الحسن ونهاية التمام.
وقال الباقلّاني : هو أن توضع معان تحتاج الى شرح أحوالها فاذا شرحت أثبتت تلك المعاني من غير عدول عنها ولا زيادة ولا نقصان» (١٠).
وقال ابن رشيق : «هو أن يستوفي الشاعر شرح ما ابتدأ به مجملا وقلما يجيء هذا إلا في أكثر من بيت واحد» (١١).
وقال ابن سنان : «هو أن يذكر مؤلف الكلام معنى يحتاج الى تفسيره فيأتي به على الصحة من غير زيادة ولا نقص» (١٢).
وقال البغدادي : «هي أن توضع معان تحتاج الى شرح أحوالها فاذا شرحت أتي بتلك المعاني من غير عدول عنها ولا زيادة عليها ولا نقصان منها» (١٣).
وقال ابن منقذ : «إنّ التفسير هو أن تذكر جملة فلا تزيد فيها ولا تنقص منها ولا تخالف بينها» (١٤).
وقال الصنعاني : «ومن أنواع الفصاحة ما يسمونه التفسير ، والتفسير شرح ما يبتدىء به القائل مجملا» (١٥).
وقال ابن شيث القرشي : «هو أن يكون في صدر الكلام جملة يفسرها ما بعدها» (١٦). وقال ابن الاثير : «إنّ صحة الترتيب في ذلك أن يذكر في الكلام معان مختلفة فاذا أعيد اليها بالذكر لتفسر قدّم المقدّم وأخّر
__________________
(١) حسن القرآن ص ٣١٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٧٧ ، وينظر الروض المريع ص ١٦٧.
(٢) اللسان (صرح).
(٣) الفوائد ص ١٧٩.
(٤) أنوار الربيع ج ٦ ص ١٢٣.
(٥) المصباح ص ٩٥ ، خزانة الأدب ص ٤٠٨ ، أنوار الربيع ج ٦ ص ١٢٣.
(٦) نقد الشعر ص ١٥٤.
(٧) الوشيج : شجر الرماح ، وتستعمل للرماح.
(٨) كتاب الصناعتين ص ٣٤٥.
(٩) القصص ٧٣.
(١٠) اعجاز القرآن ص ١٤٣.
(١١) العمدة ج ٢ ص ٣٥.
(١٢) سر الفصاحة ص ٣١٨ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٠.
(١٣) قانون البلاغة ص ٤١٢.
(١٤) البديع في نقد الشعر ص ٧٢.
(١٥) الرسالة العسجدية ص ١٤٩.
(١٦) معالم الكتابة ص ٨١.