الذَّكَرُ كَالْأُنْثى)(١).
أو يراد به نفس الحقيقة مثل : «الماء مبدأ كل حي».
السادس : التعريف بالاضافة ويكون لاسباب منها :أن لا يكون لاحضار المسند اليه في الذهن طريق أخصر من الاضافة كقول الشاعر :
هواي مع الركب اليمانين مصعد |
جنيب وجثماني بمكة موثق (٢) |
أو أن تغني إضافته عن التفصيل المتعذر أو المرجوح لجهة كقول الشاعر :
قومي هم قتلوا أميم أخي |
فاذا رميت يصيبني سهمي |
أو لتضمنها تعظيما لشأن المضاف اليه او المضاف أو غيرهما ، فتعظيم شأن المضاف كقوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ)(٣).
ومن تعظيم شأن المضاف اليه قولك : «كتابي من أجلّ الكتب».
أو لتضمنها تحقير شأن المضاف أو المضاف اليه او غيرهما مثل : «أبو السارق جاء» و «أخو محمد سارق».
أو لتضمنها الاستهزاء كقوله تعالى على لسان فرعون : (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ)(٤).
أما تعريف المسند فلافادة السامع إمّا حكما على أمر معلوم له بطريق من طرق التعريف بأمر آخر معلوم له كذلك ، وإما لازم حكم بين أمرين كذلك ، وقد أوضح عبد القاهر الجرجاني ذلك (٥).
وللتنكير دلالة غير ما نراه في التعريف قال ابن الزّملكاني : «وقد يظن ظان أنّ المعرفة أجلى فهي من النكرة أولى ، ويخفى عليه أنّ الإبهام في مواطن خليق وأنّ سلوك الايضاح ليس بسلوك للطريق خصوصا في موارد الوعد والوعيد والمدح والذم اللذين من شأنهما التشييد. وعلة ذلك أنّ مطامح الفكر متعددة المصادر بتعدد الموارد ، والنكرة متكثرة الاشخاص يتقاذف الذهن من مطالعها الى مغاربها وينظرها بالبصيرة من منسمها الى غاربها فيحصل في النفس لها فخامة وتكتسي منها وسامة. وهذا فيما ليس لمفرده مقدار محصور بخلاف المعرفة فإنّه لواحد بعينه يثبت الذهن عنده ويسكن اليه» (٦).
فالتنكير يأتي لفائدة ، وينكّر المسند اليه لاغراض منها : الافراد كقوله تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى)(٧).
والنوعية كقوله تعالى : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ)(٨).
والتعظيم كقوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(٩).
والتحقير كقول الشاعر :
له حاجب عن كلّ شيء يشينه |
وليس له عن طالب العرف حاجب |
والتكثير كقوله تعالى : (قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً)(١٠).
والتقليل كقوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ)(١١).
__________________
(١) آل عمران ٣٦.
(٢) مصعد : ذاهب مبعد في الأرض. جنيب : منحى مبعد أو مقدم يتبعه غيره.
(٣) الاسراء ٦٥.
(٤) الشعراء ٢٧.
(٥) دلائل الاعجاز ص ١٣٢ ، الايضاح ص ٩٧ ، شروح التلخيص ج ٢ ص ٩٣ ، وينظر مفتاح العلوم ص ٨٥ وما بعدها.
(٦) البرهان الكاشف ص ١٣٦.
(٧) القصص ٢٠.
(٨) البقرة ٧.
(٩) البقرة ١٧٩.
(١٠) الأعراف ١١٣.
(١١) التوبة ٧٢.