وينكّر المسند لأغراض منها : إرادة افادة عدم الحصر والعهد مثل : «زيد كاتب وعمرو شاعر».
وإرادة التفخيم والتعظيم كقوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(١).
وإرادة التحقير مثل : «الحاصل لي من هذا المال شيء» أي : حقير (٢).
التّعطّف :
عطف الشيء يعطفه عطفا وعطوفا فانعطف ، وعطّفه فتعطّف : حناه وأماله (٣).
قال العسكري : هو «أن تذكر اللفظ ثم تكرره والمعنى مختلف. قالوا : وأول من ابتدأه امرؤ القيس في قوله :
ألا انني بال على جمل بال |
يسوق بنا بال ويتبعنا بال |
وليس هذا من التعطف على الأصل الذي أصّلوه ، وذلك أنّ الالفاظ المكررة في هذا البيت على معنى واحد يجمعها البلى فلا اختلاف بينها وانما صار كل واحدة منها صفة لشيء فاختلفت لهذه الجهة لا من جهة اختلافها في معانيها ... وإنّما التعطف كقول الشماخ :
كادت تساقطني والرّحل إذ نطقت |
حمامة قد دعت ساقا على ساق |
أي : دعت حمامة ، وهو ذكر القماري ويسمى الساق عندهم ـ على ساق شجرة» (٤). وهذا قريب من التجنيس الذي سمّاه قدامة «المطابقة» ، قال العسكري : «وأهل الصنعة يسمون النوع الذي سماه المطابقة «التعطف» (٥).
وسمّى بعضهم التعطف ترديدا ، قال التبريزي : وهو «أن يعلق الشاعر لفظة في البيت بمعنى ثم يردها بعينها ويعلقها بمعنى آخر» (٦). ولكنه غير الذي ذكره العسكري لأنّ مثال الترديد قول زهير :
من يلق يوما على علّاته هرما |
يلق السّماحة منه والندى خلقا |
وقول أبي نواس :
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها |
لو مسّها حجر مسّته سرّار |
وفرّق المصري بينهما بقوله : «وقد يلتبس الترديد الذي ليس تعددا من هذا الباب بباب التعطف ، والفرق بينهما أنّ هذا النوع من الترديد يكون في أحد قسمي البيت تارة وفيهما معا مرة ولا تكون إحدى الكلمتين في قسم والاخرى في آخر ، والمراد بقربهما أن يتحقق الترديد. والتعطف وإن كان ترديد الكلمة بعينها فهو لا يكون إلا متباعدا بحيث تكون كل كلمة في قسم ، والترديد يتكرر والعطف لا يتكرر ، والترديد يكون بالاسماء المفردة والجمل المؤتلفة والحروف والتعطف لا يكون إلا بالجمل غالبا» (٧).
وعقد للتّعطّف بابا مستقلا وقال : «وقد سمّاه قوم المشاكلة ، وقد تقدم أنّ التعطف كالترديد في إعادة اللفظة بعينها في البيت وأنّ الفرق بينهما بموضعهما وباختلاف التردد ، وثبت أنّ التعطف لا بدّ أن تكون إحدى كلمتيه في مصراع والأخرى في المصراع الآخر ليشبه مصراعا البيت في انعطاف أحدهما على الآخر بالعطفين في كل عطف منهما يميل الى الجانب الذي يميل اليه الآخر» (٨). وذكر له بيت زهير : «من يلق يوما ...» وقوله تعالى : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا
__________________
(١) البقرة ٢.
(٢) مفتاح العلوم ص ٩١ ، ١٠٠ ، الإيضاح ص ٤٥ ، ٩٧ ، شروح التلخيص ج ١ ص ٣٤٧ ، ج ٢ ص ٩١.
(٣) اللسان (عطف).
(٤) كتاب الصناعتين ص ٤٢٠.
(٥) كتاب الصناعتين ص ٣٠٧.
(٦) الوافي ص ٢٨٥ ، وينظر قانون البلاغة ص ٤٥٣.
(٧) تحرير التحبير ص ٢٥٤.
(٨) تحرير ص ٢٥٧ ، بديع القرآن ص ٩٧.