إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)(١) وقوله : (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ)(٢).
وقال ابن مالك : «التعطيف أن تعلق الكلمة في موضع من الصدر بمعنى ، ثم تعلقها فيما سوى الضرب من العجز بمعنى آخر» (٣) ، كقول الشاعر :
إذا ما نهى الناهي فلجّ بي الهوى |
أصاخ الى الواشي فلجّ بي الهجر |
كأنّ الكلمتين على عطفي البيت ، وهذه من المزاوجة.
ومنه قول المتنبي :
فساق اليّ العرف غير مكدّر |
وسقت اليه المدح غير مذمّم |
وتحدّث عنه ابن الأثير الحلبي في باب الترديد وقال : «فاما التعطف فهو أن تكون إحدى الكلمتين في المصراع الأول والأخرى في المصراع الثاني ، وكذلك المشاكلة. وحاصل الأمر أنّ هذه الانواع كلها مادة واحدة وشواهدها متقاربة وهي باب واحد» (٤). وذكر بيت أبي نواس : «صفراء لا تنزل ...» ، وقول الشاعر :
سريع الى ابن العمّ يشتم عرضه |
وليس الى داعي النّدى بسريع |
وهذا من ردّ العجز على الصدر.
وقال السبكي : إنّه «كالترديد إلا أنّ الكلمة مذكورة في مصراعين وهو أعمّ من المزاوجة من وجه ، فان تلك يشترط فيها الشرط والجزاء ولا يشترط فيها التكرر في مصراعين أو فقرتين ، وهذا يشترط فيه التكرر في مصراعين ولا يشترط أن يكون في الكلام شرط وجزاء وينفصل هذا والذي قبله عن ردّ العجز على الصدر بأنّ ذلك يكون العجز فيه آخر الضرب أو آخر الفقرة وهذان يكون إعادة الكلمة فيهما فيما وراء القافية» (٥).
وقال الحموي بعد أن أشار الى الصلة بينه وبين الترديد والفرق بينهما إنّ التعطف من الانواع التي «ليس تحتها كبير أمر ، وإنّ رتبة البديع أعلى من هذه الأنواع السافلة» (٦).
وتحدّث السيوطي عنه في علم المعاني وقال : «ثم نبهت من زيادتي أيضا على أنواع خاصة من التكرير أحدها يسمى الترديد ... ثانيها : التعطف ، وهو مثل الترديد إلا أنّه يشترط في إعادة اللفظ أن يكون في فقرة أخرى أو مصراع آخر» (٧). وذكر المدني ما ذكره السابقون وفرّق بين الترديد والتعطف من وجهين :
الأول : أنّ الترديد لا يشترط فيه إعادة اللفظة في المصراع الثاني بل لو اعيدت في المصراع الأول صحّ ، بخلاف التعطف.
والثاني : أنّ الترديد يشترط فيه إعادة اللفظة بصيغتها ، والتعطف لا يشترط فيه ذلك ، بل يجوز أن تعاد اللفظة بصيغتها وبما يتصرف منها (٨).
تعقيب الكلام :
عقب كلّ شيء : آخره ، وعقّب فلان في الصلاة تعقيبا : إذا صلّى فأقام في موضعه ينتظر صلاة أخرى.
وعقب هذا هذا : إذا جاء بعده وقد بقي من الأول شيء. وتعقّب الخبر : تتبعه ، ويقال : تعقّبت الأمر : اذا تدبرته (٩).
__________________
(١) التوبة ٥٢.
(٢) الروم ٧.
(٣) المصباح ص ٧٧.
(٤) جوهر الكنز ص ٢٦٠.
(٥) عروس الأفراح ج ٤ ص ٤٧١.
(٦) خزانة الأدب ص ٤١٧ ، نفحات ص ٣٢٧.
(٧) شرح عقود الجمان ص ٧٣ ، شرح الكافية ص ٢٨٥.
(٨) أنوار الربيع ج ٦ ص ١٤٤.
(٩) اللسان (عقب).