قد بلونا أبا سعيد حديثا |
وبلونا أبا سعيد قديما |
|
ووردناه سائحا وقليبا |
ورعيناه بارضا وجميما (١) |
|
فعلمنا أن ليس إلا بشقّ ال |
نفس صار الكريم يدعى كريما |
وقال المتنبي في خلافه :
لو كفر العالمون نعمته |
لما عدت نفسه سجاياها |
|
كالشمس لا تبتغي بما صنعت |
تكرمة عندهم ولا جاها |
ومن مليح التغاير قول أبي الشيص :
أجد الملامة في هواك لذيذة |
حبّا لذكرك فليلمني اللّوّم |
وقول المتنبي في عكس هذا :
أأحبّه وأحبّ فيه ملامة |
إنّ الملامة فيه من أعدائه |
وهذا عند القاضي الجرجاني من لطيف السرق وقد جاء على وجه القلب وقصد به النقض (٢).
وقال المصري : «التغاير هو تضاد المذهبين أما في المعنى الواحد بحيث يمدح انسان شيئا ويذمه أو يذم ما مدحه غيره أو يفضل شيئا على شيء ثم يعود فيجعل المفضول فاضلا أو يفعل ذلك مع غيره فيجعل المفضول عند غيره فاضلا وبالعكس» (٣).
وقال الحلبي والنّويري : «هو أن يغاير المتكلم الناس فيما عادتهم أن يمدحوه فيذمه أو يذمونه فيمدحه» (٤). وعرّفه بمثل ذلك السبكي وأضاف أنّ التغاير إما من كلام شخصين كقوله تعالى : (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ. قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ)(٥). وإما أن يتغاير كلام الشخص الواحد في وقتين كقول قريش عن القرآن الكريم : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ)(٦) فانه اعتراف بالعجز ثم قالوا في وقت آخر : (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا)(٧).
وكان الأصل أن لا يعدّ هذا حسنا بل عيبا لكنه لوقوعه في وقتين مختلفين في غير هذا المثال عدّ من المحاسن (٨).
وسمّاه العسكري التلطف وهو من زياداته (٩) ، وقال : «هو أن تتلطف للمعنى الحسن حتى تهجنه والمعنى الهجين حتى تحسّنه (١٠)».
وقال الحموي عن التغاير : «سمّاه قوم التلطف وهو أن يتلطف الشاعر بتوصله الى مدح ما كان قد ذمه هو أو غيره» (١١) ، وقال السيوطي مثل ذلك (١٢). وسماه آخرون «المغايرة» ، قال المدني : «المغايرة والتغاير ويسميه قوم التلطف» (١٣).
التّغليب :
غلبه : قهره ، وغلّب على صاحبه : حكم له عليه بالغلبة ، وتغلّب على بلد كذا : استولى عليه قهرا ، وغلّبته أنا عليه تغليبا (١٤).
__________________
(١) يريد بالسائح : النهر. القليب : البئر. البارض : أوّل ما ينبت من نبت الأرض. الجميم : النبت الكثير.
(٢) الوساطة ص ٢٠٦.
(٣) تحرير التحبير ص ٢٧٧ ، بديع القرآن ص ١٠٥.
(٤) حسن التوسل ص ٢٦٩ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٤٥.
(٥) الاعراف ٧٥ ـ ٧٦.
(٦) المؤمنون ٢٤.
(٧) الانفال ٣١.
(٨) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٦٨.
(٩) كتاب الصناعتين ص ٢٦٧.
(١٠) كتاب الصناعتين ص ٤٢٧.
(١١) خزانة الأدب ص ١٠٢.
(١٢) شرح عقود الجمان ص ١١٢.
(١٣) أنوار الربيع ج ٢ ص ٣٧١ ، وينظر خزانة الأدب ص ١٠٢ ، ١٠٤ ، نفحات ص ٩٩ ، شرح الكافية ص ١٠٢.
(١٤) اللسان (غلب).