قال القرطاجني هو «أن يغلب الأرجح من جهة الفصاحة أو البلاغة لفظا أو معنى» (١).
وقال القزويني : «التغليب باب واسع يجري في فنون كثيرة» (٢) كقوله تعالى : (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا)(٣).
أدخل شعيب ـ عليهالسلام ـ في (لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) بحكم التغليب إذ لم يكن شعيب في ملتهم أصلا. وقد يسمى «ترجيح أحد المعلومين على الآخر» (٤) ، ويكثر التغليب بالتثنية من ذلك «أبوان» للأب والأم ، و «الخافقان» للمشرق والمغرب و «العمران» لأبي بكر وعمر.
وعرّفه الزركشي بقوله : «وحقيقته إعطاء الشيء حكم غيره ، وقيل ترجيح أحد المغلوبين على الآخر أو إطلاق لفظه عليهما إجراء المختلفين مجرى المتّفقين» (٥). وهو أنواع : فمنه تغليب المذكر ، وتغليب المتكلم على المخاطب ، والمخاطب على الغائب ، وتغليب العاقل على غيره ، وتغليب المتّصف بالشيء على ما لم يتّصف به ، وتغليب الأكثر على الأقلّ ، وتغليب الجنس الكثير الأفراد على فرد من غير هذا الجنس مغموز فما بينهم بأن يطلق اسم الجنس على الجميع ، وتغليب الموجود على ما لم يوجد ، وتغليب الإسلام ، وتغليب ما وقع بغير هذا الوجه ، وتغليب الأشهر. وقد قالوا إنّ جميع باب التغليب من المجاز ، قال الزركشي : «لأنّ اللفظ لم يستعمل فيما وضع له ألا ترى أنّ القانتين موضوع للذكور الموصوفين بهذا الوصف ، فاطلاقه على الذكور والاناث على غير ما وضع له» (٦).
التّغيير :
تغيّر الشيء عن حاله : تحوّل ، وغيّره : حوّله وبدّله كأنه جعله غير ما كان ، وغيّر عليه الأمر : حوّله (٧).
قال قدامة : «هو أن يحيل الشاعر الاسم عن حاله وصورته الى صورة اخرى إذا اضطرته العروض الى ذلك» (٨) ، كما قال بعضهم يذكر سليمان ـ عليهالسلام ـ :
وكلّ صموت نثلة تبعية |
ونّسج سليم كلّ قضّاء ذائل (٩) |
وكما قال الآخر :
ودعا بمحكمة أمين سكّها |
من نسج داود أبي سلّام |
التّفخيم :
فخّمه وتفخّمه : أجلّه وعظّمه ، والتفخيم : التعظيم ، وفخّم الكلام : عظّمه (١٠).
وقد تحدّث ابن رشيق عنه في باب الإشارة وقال : «ومن أنواع الإشارة التفخيم والإيماء ، فأمّا التفخيم فكقول الله تعالى : (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ)(١١) وقد قال كعب بن سعد الغنوي :
أخي ما أخي لا فاحش عند بيته |
ولا ورع عند اللقاء هيوب (١٢) |
وذكره السجلماسي في الإبهام وهو من جنس
__________________
(١) منهاج البلغاء ص ١٠٣.
(٢) الإيضاح ص ٩١ ، التلخيص ص ١١٢ ، شروح التلخيص ج ٢ ص ٥١ ، ج ٤ ص ٤٧٣ ، المطول ص ١٥٨ الاطول ج ١ ص ١٧٩ ، التبيان في البيان ص ٢٣٩.
(٣) الأعراف ٨٨.
(٤) عروس الأفراح ج ٤ ص ٤٧٣.
(٥) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٣٠٢.
(٦) البرهان ج ٣ ص ٣١٢ ، وينظر معترك ج ١ ص ٢٦٢ ، الاتقان ج ٢ ص ٤٠.
(٧) اللسان (غير).
(٨) نقد الشعر ص ٢٥٠.
(٩) الصموت : الدرع الثقيلة. النثلة : الواسعة.
القضاء : الدرع الخشنة. الذائل : طويلة الذيل.
(١٠) اللسان (فخم).
(١١) القارعة ١ ـ ٢.
(١٢) العمدة ج ١ ص ٣٠٣.