للشعر». ورأى أنّ المعقود بالتفصيل هو المعنى الأول ، وفرّق بينه وبين الايداع فقال : «ولا فرق بينه وبين الايداع سوى أنّ الايداع إيراد الشاعر شطر بيت لغيره ، والتفصيل إيراده شطر بيته لنفسه ، وليس تحته كبير أمر».
التّفضيل :
فضّله : مزّاه ، ويقال : فضل فلان على غيره إذا غلب بالفضل عليهم ، وقوله تعالى : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)(١) قيل : تأويله أنّ الله فضلهم بالتمييز (٢).
وقال السّيوطي : «هو من زيادتي ذكره الصفي واتباعه وجعله الاندلسي قسما من التفريع وكذا فعل صاحب التلخيص أولا ثم ضرب عليه بخطه كما رأيته في نسخته ومشى عليه في الايضاح. وهو أن ينفى بـ «ما» أو «لا» دون غيرهما من أدوات النفي عن ذي وصف أفعل تفضيل مناسب لذلك الوصف معدّى بـ «من» الى ما يراد مدحه أو ذمة فتحصل المساواة بين الاسم الجرور بـ «من» وبين الاسم الداخلة عليه «ما» النافية ، لانها نفت الأفضلية فتبقى المساواة كقوله :
ما ربع ميّة معمورا يطيف به |
غيلان أبهى ربى من ربعها الخرب |
|
ولا الخدود وإن أدمين من خجل |
أبهى الى ناظري من خدّها الترب |
ومثاله من الحديث : «ماذئبان ضاريان ارسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه» ومنهم من سمّى هذا النوع النفي والجحد (٣).
ومنهم من سماه «التفريع» وقد تقدم.
التّفقير :
قال ابن المظفر إنّ التفقير في رجل الدواب بياض مخالط للأسؤق الى الركب ، وقال الأزهري : هذا عندي تصحيف والصواب بهذا المعنى التقفير بالزاي والقاف قبل الفاء (٤). ولا علاقة لهذا المعنى بالفن الذي ذكره ابن قيّم الجوزّيّة وعرّفه بقوله : «هو أن يأتي في البيت ذكر نكتة أو بيت او رسالة أو خطبة أو غير ذلك فيومئ اليها الشاعر أو الناثر» (٥).
كقوله تعالى : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ)(٦) ، فان امرأ القيس أومأ اليه بقوله :
من القاصرات الطّرف لو دبّ محول |
من الذرّ فوق الأنف منه لأثّرا |
ومنه قول الآخر :
ألوم زيادا من ركاكة رأيه |
وفي قوله : أيّ الرجال المهذّب |
|
وهل يحسن التهذيب منك خلائقا |
أرق من الماء الزلال وأطيب |
وسمّى ابن منقذ هذا النوع «التقفية» (٧) ، ولا يدرى أي المصطلحين أصح ، وهل فيهما تحريف.
التّفويف :
اشتقاق التفويف من الثوب الذي فيه خطوط بيض ، وأصل الفوف البياض الذي في أظفار الأحداث والحبة البيضاء في النواة وهي التي تنبت منها النخلة. والفوفة القشرة البيضاء التي تكون على النواة ، والفوف الشيء ، والفوف قطع القطن ، وبرد مفوّف أي رقيق. فكأنّ المتكلم خالف بين جمل المعاني في التقفية كمخالفة البياض لسائر الألوان ، لان بعده من سائر الألوان أشد من بعد بعضها عن
__________________
(١) الاسراء ٧٠.
(٢) اللسان (فضل).
(٣) شرح عقود الجمان ص ١٢٤.
(٤) اللسان (فقر).
(٥) الفوائد ص ٢١٧.
(٦) الرحمن ٥٦.
(٧) البديع في نقد الشعر ص ٢٨٤.