انسان لم يقم» (١).
ويقدم المسند لأغراض منها : تخصيص المسند بالمسند اليه كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٢).
والتنبيه من أول الأمر على أنّه خبر لا نعت كقول حسان يمدح النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
له همم لا منتهى لكبارها |
وهمّته الصّغرى أجلّ من الدّهر |
|
له راحة لو أنّ معشار جودها |
على البرّ كان البرّ أندى من البحر |
والتفاؤل بتقديم ما يسر مثل : «عليه من الرحمن ما يستحقّه».
والتشويق الى ذكر المسند اليه كقول محمد بن وهيب :
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها |
شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر (٣) |
ومن التقديم تقديم تعلّقات الفعل عليه كالمفعول والجار والمجرور والحال ويكون ذلك لأغراض منها :الاختصاص كقوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(٤).
والاهتمام بالمتقدم كقوله تعالى : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)(٥).
والتبرك مثل «قرآنا قرأت».
وضرورة الشعر ، وهو كثير لا يحدّ ولا يحصر.
ورعاية الفاصلة كقوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(٦).
وهناك أنواع اخرى لا ترجع إلى المسند اليه أو المسند او متعلّقات الفعل ، وإنما ترجع الى أمور كثيرة ، وقد بحثها الزركشي (٧) في أنواع التقديم والتأخير ، ومما ذكره السبق كقوله تعالى : (وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى)(٨).
والذات كقوله تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ)(٩). والعلة والسببية كقوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(١٠) لأنّ العبادة سبب حصول الاعانة.
والمرتبة كقوله تعالى : (غَفُورٌ رَحِيمٌ*)(١١) لأنّ المغفرة سلامة والرحمة غنيمة والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة.
والتعظيم كقوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ)(١٢).
والغلبة والكثرة كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ)(١٣).
والاهتمام عند المخاطب كقوله تعالى : (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها)(١٤). ومراعاة الافراد كقوله تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ)(١٥) ، فانّ المفرد سابق على الجمع. ومن ذلك قصد الترتيب وخفة اللفظ ورعاية الفاصلة. وهذه الانواع التي ذكرها الزركشي لم يبحثها البلاغيون إلا من خلال الجملة ، ولذلك
__________________
(١) مفتاح العلوم ص ٩٣ ، الايضاح ص ٥٢ ، شروح التلخيص ج ١ ص ٣٨٩.
(٢) آل عمران ٨٩.
(٣) مفتاح العلوم ص ١٠٥ ، الايضاح ص ١٠١ ، شروح التلخيص ج ٢ ص ١٠٩.
(٤) الفاتحة ٥.
(٥) الانعام ١٦٤.
(٦) الضحى ٩ ـ ١٠.
(٧) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٢٣٨ ، وينظر معترك ج ١ ص ١٧٤.
(٨) الأحزاب ٧.
(٩) المجادلة ٧.
(١٠) الفاتحة ٥.
(١١) البقرة ١٧٣ ، وهناك آيات كثيرة فيها «غَفُورٌ رَحِيمٌ».
(١٢) النساء ٦٩.
(١٣) فاطر ٣٢.
(١٤) النساء ٨٦.
(١٥) الكهف ٤٦.