بجواب عام يتضمن الإبانة عن الحكم المسؤول عنه وعن غيره بدعاء الحاجة الى بيانه» (١).
وهذا هو التعريف الذي ذكره السبكي للتلفيف بعد ذلك فقال : «هو إخراج الكلام مخرج التعليم وهو أن يقع السؤال عن نوع من الأنواع تدعو الحاجة لبيان جميعها فيجاب بجواب عام عن المسؤول عنه وعن غيره ليبنى على عمومه ما بعده من الصفات المقصودة» (٢) وليس في كتب البلاغة الأخرى إشارة الى هذا الفن ، فالمصري لم يذكر السابقين ولم يضعه في الفنون التي ابتدعها ، ولكن السبكي قال : «وقد يقال إنّ هذا يرجع الى الاستطراد» (٣).
التّلفيق :
لفقت الثوب ألفقه لفقا : وهو أن تضم شقّة الى أخرى فتخيطها ، ولفق الشقتين يلفقهما لفقا ولفّقهما : ضمّ إحداهما الى الأخرى فخاطهما والتلفيق أعم ، وهما ما دامتا ملفوقتين لفاق وتلفاق وكلتاهما لفقان ما دامتا مضمومتين فاذا تباينتا بعد التلفيق قيل انفتق لفقهما (٤).
والتلفيق من السرقات وهو أن يلفق الشاعر بيته من عدة أبيات لغيره ، مثل قول ابن الطثريّة :
إذا ما رآني مقبلا غضّ طرفه |
كأنّ شعاع الشّمس دوني يقابله |
فأوله من قول جميل :
إذا ما رأوني طالعا من ثنيّة |
يقولون : من هذا وقد عرفوني |
ووسطه من قول جرير :
ففضّ الطّرف إنّك من نمير |
فلا كعبا بلغت ولا كلابا |
وعجزه من قول عنترة الطائي :
إذا أبصرتني أعرضت عنّي |
كأنّ الشمس من حولي تدور (٥) |
والتلفيق هو الالتقاط وقد تقدم.
التّلميح :
لمح اليه يلمح لمحا وألمح : اختلس النظر ، وقال بعضهم : لمح : نظر (٦).
قال التفنازاني : «وأما التلميح : صح بتقديم اللام على الميم من لمحه إذا أبصره ونظر اليه وكثيرا ما تسمعهم يقولون في تفسير الأبيات في هذا البيت تلميح الى قول فلان ، وقد لمح هذا البيت فلان الى غير ذلك من العبارات» (٧).
وقال الرازي : «هو أن يشار في فحوى الكلام الى مثل سائر أو شعر نادر أو قصة مشهورة من غير أن يذكره» (٨) ، كقول الشاعر :
المستغيث بعمرو عند كربته |
كالمستغيث من الرّمضاء بالنّار |
وتحدّث القزويني عن التلميح في باب السرقات وقال : «وأما التلميح فهو أن يشار الى قصة أو شعر من غير ذكره» (٩).
والأول كقول ابن المعتز :
__________________
(١) بديع القرآن ص ١٢٣.
(٢) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٦٩.
(٣) عروس الأفراح ج ٤ ص ٤٦٩.
(٤) اللسان (لفق).
(٥) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٩٠ ، العمدة ج ٢ ص ٢٨٩.
(٦) اللسان (لمح).
(٧) المطول ص ٤٧٥ ، المختصر ج ٤ ص ٥٢٤.
وينظر أنوار الربيع ج ٤ ص ٢٦٦.
(٨) نهاية الايجاز ص ١١٢ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٢٢.
(٩) الايضاح ص ٤٢٦ ، التلخيص ص ٤٢٧.