فَيَشْفَعُوا لَنا)(١).
الثاني : «لو» سواء كانت مع «ودّ» كقوله تعالى :(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)(٢). أو لم تكن ، كقوله تعالى : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً)(٣) ، وقوله : (لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ)(٤).
الثالث : «لعل» كقوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ. أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى)(٥). ومنه قول الشاعر :
أسرب القطا هل من يعير جناحه |
لعلّي الى من قد هويت أطير (٦) |
تمهيد الدّليل :
مهدت لنفسي ومهّدت أي جعلت لها مكانا وطيئا سهلا ، ويمهدون : يوطئون. وتمهيد الأمور : تسويتها وإصلاحها ، وتمهيد العذر : قبوله وبسطه (٧).
تحدث السيوطي في المحسنات المعنوية عن «تمهيد الدليل» وقال : «هذا نوع ثالث اخترعته وسميته تمهيد الدليل ، وهو أن يقصد الحكم بشيء فيرتب له أدلة تقتضي تسليمه قطعا بأن يبدأ بالمقصود ويخبر عنه بجملة مسلّمة ، ثم يخبر عن تلك الجملة بأخرى مسلّمة فيلزم ثبوت الحكم للأول بأن يحذف الوسط ويخبر بالأخير عن الأول. وهذا شكل من أشكال المناطقة ، ونحن أهل السنة لا نتبعهم أصلا ، وهم مصرحون بأنّه في طبع أهل الذوق والذكاء ، والقرآن والسنة طافحان باستعماله ثم تارة يكون الوسط جملة واحدة وتارة يكون أكثر. فمن الأول قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا» لأنّه يصح أن يحذف الوسط فيقال : «لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا ، لم يؤمن بالله من لم يؤمن بي ، ولم يؤمن بي من لا يحب الانصار» (٨).
التّناسب :
ناسبه : شركه في نسبه ، المناسبة : المشاكلة ، (٩) وتناسبا : تماثلا وتشاكلا ، والتّناسب من تناسب.
تحدّث بشر بن المعتمر في صحيفته عن التناسب بين الألفاظ والمعاني فقال : «ومن أراغ معنى كريما فليلتمس له لفظا كريما ، فانّ حق المعنى الشريف اللفظ الشريف» (١٠).
وقال الجاحظ عن تناسب الألفاظ والمعاني : «إلا أنّي أزعم أنّ سخيف الألفاظ مشاكل لسخيف المعاني» (١١). وقال : «ومتى شاكل ـ أبقاك الله ـ ذلك اللفظ معناه وأعرب عن فحواه ، وكان لتلك الحالة وفقا ولذلك القدر لفقا وخرج من سماجة الاستكراه وسلم من فساد التكلف كان قمينا بحسن الموقع وبانتفاع المستمع وأجدر أن يمنع جانبه من تناول الطاعنين ويحمي عرضه من اعتراض العائبين ، وألا تزال القلوب به معمورة والصدور مأهولة» (١٢).
وقال : «ولكل ضرب من الحديث ضرب من اللفظ
__________________
(١) الأعراف ٥٣.
(٢) القلم ٩.
(٣) هود ٨٠.
(٤) البقرة ١٦٧.
(٥) غافر ٣٦ ـ ٣٧.
(٦) مفتاح العلوم ص ١٤٧ ، الايضاح ص ١٣١ ، التلخيص ص ١٥١ ، الطراز ج ٣ ص ٢٩١ ، شروح التلخيص ج ٢ ص ٢٣٨ ، المطول ص ٢٢٥ ، الاطول ج ١ ص ٢٣٢ ، البرهان ج ٢ ص ٣٢١ ، معترك ج ١ ص ٤٤٤ ، الاتقان ج ٢ ص ٨٢ ، شرح عقود الجمان ص ٤٨ ، حلية اللب ص ٩٣ ، الروض المريع ص ٧٧.
(٧) اللسان (مهد).
(٨) شرح عقود الجمان ص ١٤٢.
(٩) اللسان (نسب).
(١٠) البيان ج ١ ص ١٣٦.
(١١) البيان ج ١ ص ١٤٥.
(١٢) البيان ج ٢ ص ٧.