لعن الاله بني كليب إنّهم |
لا يغدرون ولا يفون لجار |
فقوله : «لا يفون» احتراس لئلا يتوهم أنّ عدم غدرهم من الوفاء فقال : «ولا يفون» ليفيد أنه للعجز ، وقوله : «لجار» ايغال ؛ لأنّ ترك الوفاء للجار أشد قبحا.
الأحجية :
الاحجية مفرد الأحاجي وقد تقدمت ، والأحجية اللغز والمعمى ، وهذا قريب من التورية (١).
الاختتام :
الاختتام من اختتم ، وهو نقيض الافتتاح (٢). وهو في البلاغة أن يختم البليغ كلامه في أي مقصد كان بأحسن الخواتم فانها آخر ما يبقى على الاسماع.
وينبغي تضمينها معنى تاما يؤذن السامع بأنه الغاية والمقصد والنهاية. وهذه تسمية العلوي (٣) أما غيره فيسميه حسن الختام أو الخاتمة (٤).
ومن أمثلة ذلك خواتيم القرآن الكريم «فانّ الله تعالى ختم كل سورة من سوره بأحسن ختام وأتمّها بأعجب إتمام ، ختاما يطابق مقصدها ويؤدي معناها من أدعية أو وعد أو وعيد أو موعظة أو تحميد وغير ذلك من الخواتيم الرائقة» (٥). ومن ذلك ما قاله أبو تمام يذكر فتح عمورية ويهنىء المعتصم بها :
إن كان بين صروف الدهر من رحم |
موصولة أو ذمام غير مقتضب |
|
فبين أيامك اللاتي نصرت بها |
وبين أيام بدر أقرب النّسب |
وما قاله المتنبي :
قد شرّف الله أرضا أنت ساكنها |
وشرّف الناس إذ سوّاك إنسانا |
وما قاله أبو نواس في المأمون :
فبقيت للعلم الذي تهدي له |
وتقاعست عن يومك الأيام |
الاختراع :
الاختراع من اخترع الشيء أي ارتجله ، والخرع ـ بالتحريك ـ والخراعة : الرخاوة في الشيء ، ومنه قيل لهذه الشجرة الخروع لرخاوته ، وقيل : الخروع : كل نبات قصيف ريّان من شجر أو عشب ، وكل ضعيف رخو خرع وخريع (٦).
والاختراع عند ابن وهب «ما اخترعت له العرب اسما مما لم تكن تعرفه» (٧) وليس هذا ما قصد اليه البلاغيون والنقاد ، فالاختراع عند ابن رشيق : «خلق المعاني التي لم يسبق اليها والاتيان بما لم يكن منها قط ، والابداع إتيان الشاعر بالمعنى المستظرف والذي لم تجر العادة بمثله ، ثم لزمته هذه التسمية حتى قيل له بديع وإن كثر وتكرر ، فصار الاختراع للمعنى والابداع للفظ» (٨). ثم قال : «واشتقاق الاختراع هو من التليين ، يقال «بيت خرع» إذا كان لينا ، والخروع «فعول» منه ، فكأنّ الشاعر سهّل طريقة هذا المعنى ولينه حتى أبرزه» ، وهذا ما أشارت اليه المعاجم في «خرع».
وعدّ القرطاجني الاختراع الغاية في الاستحسان ، قال : «فمراتب الشعراء فيما يلمّون به من المعاني إذن
__________________
(١) عروس الأفراح ج ٤ ص ٤٧٣. وينظر المثل السائر ج ٢ ص ٢٢٤.
(٢) اللسان (ختم).
(٣) الطراز ج ٣ ص ١٨٣.
(٤) تحرير التحبير ص ٦١٦ ، بديع القرآن ص ٣٤٣ ، خزانة الأدب ص ٤٦٠ ، أنوار الربيع ج ٦ ص ٣٢٤.
(٥) الطراز ج ٣ ص ١٨٣ ـ ١٨٤.
(٦) اللسان (خرع).
(٧) البرهان في وجوه البيان ص ١٥٨.
(٨) العمدة ج ١ ص ٢٦٥ ، وينظر كفاية الطالب ص ٩٩.