تنسيق الصّفات :
هو التنسيق المتقدم ، وقد سمّاه كذلك الوطواط والرازي والحلبي والنّويري (١).
التّنظير :
النظر : تأمّل الشيء بالعين. وتقول العرب : نظرت الى كذا وكذا ، من نظر العين ونظر القلب. واذا قيل نظرت في الامر كان تفكرا وتدبرا بالقلب (٢).
قال المصري : «هو أن ينظر الانسان بين كلامين إما متفقي المعاني أو مختلفي المعاني ليظهر الأفضل منهما» (٣). مثال الأول قول يزيد بن الحكم الثقفي من شعراء الحماسة :
يا بدر والأمثال يض |
ربها لذي اللّبّ الحكيم |
|
دم للخليل بودّه |
ما خير ودّ لا يدوم |
|
واعرف لجارك حقّه |
والحقّ يعرفه الكريم |
|
واعلم بأنّ الضّيف يو |
ما سوف يحمد أو يلوم |
فنظر بين هذه الوصايا وبين قوله تعالى : (وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(٤).
ومثال الثاني ما اقتصه الأعشى من قصة السموأل في وفائه بأدراع امرئ القيس التي أودعه اياها عند دخوله بلاد الروم ، وقصيدة الأعشى مطلعها :
كن كالسموأل إذ طاف الهمام به |
في جحفل كسواد الليل جرّار |
قال المصري : «هذه القصيدة أجمع العلماء البصراء بنقد الكلام على تقديمها في هذا الباب على جميع الاشعار التي اقتصت فيها القصص وتضمنت الأخبار. واذا نظرت بينها وبين قوله تعالى في سورة يوسف (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ...)(٥) رأيت تفاوت ما بين الكلامين وأدركت الفرق بين البلاغتين» (٦).
والتنظير من مبتدعات المصري ، وهو قريب مما ذكره النقاد في باب الموازنة بين الكلام.
التّنكيت :
التنكيت مصدر نكّت إذا أتى بنكتة وأصله من النكت ، وهو أن تضرب في الارض بقضيب ونحوه فتؤثر فيها لأنّ المتكلم إذا أتى في كلامه بدقيقة احتاج السامع في استخراجها الى فضل تأمل وتفكر ينكت معه الأرض كما هو شأن المتأمل (٧).
قال ابن منقذ : «التنكيت هو أن تقصد شيئا دون أشياء لمعنى من المعاني ولو لا ذلك لكان خطأ من الكلام وفسادا في النقد» (٨). فقد سئل ابن عباس عن قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى)(٩) لم لم يقل : «الثريا» فقال : كان قد ظهر في العرب رجل يقال له ابن أبي كبشة عبد الشعرى لأنّها أكبر نجم في السماء فقصدها الله تعالى دون النجوم لأنّها عبدت ولم تعبد الثريا.
وسئل الاصمعي عن قول الخنساء :
يذكّرني طلوع الشّمس صخرا |
وأذكره لكلّ غروب شمس |
__________________
(١) حدائق السحر ص ١٥٠ ، نهاية الايجاز ص ١١٣ ، حسن التوسل ص ٢٤٨ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٣١ ، نفحات ص ٢٠٤.
(٢) اللسان (نظر).
(٣) بديع القرآن ص ٢٣٨.
(٤) النساء ٣٦.
(٥) يوسف ١٠٠.
(٦) بديع القرآن ص ٢٤١.
(٧) أنوار الربيع ج ٥ ص ٣٥٣.
(٨) البديع في نقد الشعر ص ٥٦.
(٩) النجم ٤٩.