لم خصّت طلوع الشمس وغروبها دون أثناء النهار؟فقال : لأنّ وقت الطلوع وقت الركوب الى الغارات ، ووقت الغروب وقت قرى الضيفان ، فذكرته في هذين الوقتين مدحا له بأنّه كان يغير على اعدائه ويقري أضيافه.
وأخذ المصري وابن الاثير الحلبي والحموي والسيوطي والمدني بتعريف ابن منقذ وأمثلته (١) وقال الحموي : «هذا النوع أعني التنكيت يستحق لغرابته أن يعدّ مع المماثلة والموازنة ومع التطريز والترصيع» (٢) ، وقد عدّه السيوطي مختصا بالفصاحة دون البلاغة ، مثله في ذلك مثل الفرائد (٣).
التّنكير :
النكرة إنكارك الشيء وهو نقيض المعرفة والنكرة خلاف المعرفة ، والتنكير خلاف التعريف (٤). وقد تقدّم الكلام عليه في «التعريف والتنكير».
التّهجين :
الهجنة من الكلام ما يعيبك ، والتهجين : التقبيح (٥).
قال ابن منقذ : «هو أن يصحب اللفظ والمعنى لفظ آخر ومعنى آخر يزري به ولا يقوم حسن أحدهما بقباحة الآخر» (٦) فيكون كمدح بعضهم لعبد الله البجلي حيث قال :
يقال عبد الله من بجيله |
نعم الفتى وبئست القبيله |
فقال عبد الله : ما مدح من هجي قومه.
ومن ذلك قول النابغة :
نظرت إليك بحاجة لم يقضها |
نظر العليل الى وجوه العوّد |
هجّن البيت بذكر العلة.
ومنه قول بعض العرب :
ألا إنما ليلى عصا خيزرانة |
إذا غمزوها بالأكفّ تلين |
ذكر ابن قتيبة أنّه لما أنشده بشارا قال له : هجّنت شعرك بقولك «عصا» ولو قلت : «عصا مخّ» أو «زبد» لم تزل الهجنة.
وأحسن من هذا قولي :
وحوراء المدامع من معدّ |
كأنّ حديثها ثمر الجنان |
|
أذا قامت لطيتها تثنّت |
كأنّ عظامها من خيزران |
ومنه قول أبي تمام :
تسعون ألفا كآساد الشّرى نضجت |
جلودهم قبل نضج التين والعنب |
قيل : إنّه هجين ؛ لأنّه لا فائدة في اختصاصه بالتين والعنب دون التمر.
التّهذيب :
التهذيب كالتنقية ، هذب الشيء يهذبه هذبا وهذّبه : نقّاه وأخلصه (٧). عقد ابن منقذ بابا سماه «التهذيب والترتيب» وقال : «ومن التهذيب أن يخلص المعنى قبل السبك للفظ والقوافي قبل الأبيات» (٨). وأتبع الباب بجملة وصايا تتصل بنظم
__________________
(١) تحرير التحبير ص ٤٩٩ ، بديع القرآن ص ٢١٢ ، جوهر الكنز ص ٢١٦ ، خزانة الادب ص ٣٧٥ ، معترك ج ١ ص ٣٩٦ ، الاتقان ج ٢ ص ٩٠ ، شرح عقود الجمان ص ١٥٠ ، أنوار الربيع ج ٥ ص ٣٥٣ ، شرح الكافية ص ٢٧٤.
(٢) خزانة الادب ص ٣٧٥ ، نفحات ص ١٧٣.
(٣) شرح عقود الجمان ص ١٥٠.
(٤) اللسان (نكر).
(٥) اللسان (هجن).
(٦) البديع في نقد الشعر ص ١٥٦.
(٧) اللسان (هذب).
(٨) البديع في نقد الشعر ص ٢٩٥.