اللوم ، والمدح في معرض السخرية ، ونحو ذلك» (١).
وذكر الزمخشري التهكم في تفسيره لقوله تعالى :(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ)(٢) ، وقال : «يحفظونه في توهمه وتقديره من أمر الله أي من قضاياه ونوازله أو على التهكم به» (٣).
وقال المصري إنّ هذا الفن من مبتدعاته وذكر الآية السابقة وأشار الى الزمخشري ، وكلامه حق إذا أريد به أنّه أوّل من عقد للتهكم بابا ، لأنّ البلاغيين السابقين لم يذكروه (٤). قال في تعريفه : «هو في الاستعمال عبارة عن الاتيان بلفظ البشارة في موضع الإنذار والوعد في مكان الوعيد والمدح في معرض الاستهزاء» (٥) ، ومثال البشارة قوله تعالى : (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(٦) ، ومثال الاستهزاء قوله : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(٧). ومثال المدح في موضع الاستهزاء قول ابن الذّورى في ابن أبي حصينة من أبيات :
لا تظنّنّ حدبة الظّهر عيبا |
فهي في الحسن من صفات الهلال |
|
وكذاك القسيّ محدودبات |
وهي أنكى من الظّبا والعوالي |
|
وإذا ما علا السّنام ففيه |
لقروم الجمال أيّ جمال |
|
وذنابى القطاة وهي كما تع |
لم كانت موصوفة بالجلال |
|
وأرى الانحناء في منسر البا |
زيّ لم يعد مخلب الرئبال |
|
كوّن الله حدبة فيك إن شئ |
ت من الفضل أو من الإفضال |
|
فأتت ربوة على طود حلم |
طال أو موجة ببحر نوال |
|
ما رأتها النساء إلا تمنّت |
لو غدت حلية لكلّ الرجال |
وكقول ابن الرومي :
فيا له من عمل صالح |
يرفعه الله الى أسفل |
والفرق بين التهكم والهزل الذي يراد به الجد أنّ التهكم ظاهره جدّ وباطنه هزل وهو ضد الأول ؛ لأنّ الهزل الذي يراد به الجدّ يكون ظاهره هزلا وباطنه جدا.
ولا يخرج كلام الآخرين كابن مالك والحلبي والنويري والعلوي والسبكي والحموي والسيوطي والمدني عما ذكره المصري في تعريف التهكم وأمثلته (٨).
التوأم :
التوأم من جميع الحيوان : المولود مع غيره في بطن من الاثنين الى ما زاد ، وقد يستعار في جميع المزدوجات. وذهب بعض أهل اللغة الى أنّ توأم «فوعل» من الوئام وهو الموافقة والمشاكلة ، يقال :هو يوائمني أي يوافقني (٩).
والتوأم هو التشريع وقد تقدم ، والذي سمّاه بهذا
__________________
(١) أنوار الربيع ج ٢ ص ١٨٥ ، وينظر خزانة الأدب ص ٩٨.
(٢) الرعد ١١.
(٣) الكشاف ج ٢ ص ٤٠٣.
(٤) ينظر خزانة ص ٩٨ ، أنوار الربيع ج ٢ ص ١٩٣ ـ ١٩٤ ، شرح الكافية ص ٨٨.
(٥) تحرير التحبير ص ٥٦٨ ، بديع القرآن ص ٢٨٣.
(٦) النساء ١٣٨.
(٧) الدخان ٤٩.
(٨) المصباح ص ١١١ ، حسن التوسل ص ٣١٨ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٧٩ ، الطراز ج ٣ ص ١٦١ ، عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٢ ، خزانة ص ٩٨ ، شرح عقود الجمان ص ١٣٠ ، أنوار الربيع ج ٢ ص ١٨٥ ، نفحات الأزهار ص ٦٢.
(٩) اللسان (تأم).