اللَّيْلَ)(١).
التّوكيد :
أكّد العهد والعقد لغة في وكّده ، والتأكيد لغة في التوكيد ، وقد أكدت الشيء ووكدته (٢).
والتوكيد هو التأكيد (٣) ، وقد تقدم.
توكيد الضّمير :
قال ابن الأثير الحلبي في باب الاطناب : «ومن هذا النوع الذي هو الاطناب ضربان : أحدهما ما يسمّى توكيد الضمير المتصل بالمنفصل والآخر يسمّى التكرير. فأما توكيد الضمير المتصل بالمنفصل فكقوله تعالى : (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ)(٤). فقولهم : (نَحْنُ الْمُلْقِينَ) ولم يقولوا : «وإما أن نلقي» ذلك لرغبتهم في أن يلقوا قبله تقدما عليه فلهذا أتى الضمير المتصل مؤكدا بالمنفصل» (٥).
توكيد الضّميرين :
قال ابن الاثير : «إذا كان المعنى المقصود معلوما ثابتا في النفوس فأنت بالخيار في توكيد أحد الضميرين فيه بالآخر واذا كان غير معلوم وهو مما يشك فيه فالأولى حينئذ أن يؤكد أحد الضميرين بالآخر في الدلالة عليه لتقرره وتثبته» (٦). وهذا ما تحدث عنه ابن الاثير الحلبي في توكيد الضمير المتصل بالمنفصل ، ولكن ابن الاثير الجزري أوضح هذه المسألة قبله ، ومن ذلك قوله تعالى : (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ)(٧) وقد أتى الضمير المتصل مؤكدا للمنفصل.
ومن أمثلة توكيد المتصل بالمتصل قوله تعالى :(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ : أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً. قالَ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)(٨).
ومن أمثلة توكيد المتصل بالمنفصل قوله تعالى :(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى. قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى)(٩).
ومن توكيد المنفصل بالمنفصل قول أبي تمام :
لا أنت أنت ولا الديار ديار |
خفّ الهوى وتولّت الأوطار |
ومنه قول المتنبي :
قبيل أنت أنت وأنت منهم |
وجدّك بشر الملك الهمام |
التّوليد :
ولّد الرجل غنمه توليدا كما يقال نتّج إبله (١٠) ، وقال المدني : «التوليد في اللغة مصدر : «ولّدت القابلة المرأة» إذا تولت ولادتها ، وولّدت الشيء عن غيره أنشأته عنه ، وهو المنقول عنه الى الاصطلاح» (١١).
تحدث البلاغيون والنقاد عن التوليد عند كلامهم على السرقة ، وكان هدف بعضهم نفيها عنه ، فقال ابن رشيق : «هو أن يستخرج الشاعر معنى من معنى شاعر آخر تقدّمه أو يزيد فيه زيادة فلذلك يسمّى التوليد وليس باختراع لما فيه من الاقتداء بغيره ، ولا يقال له أيضا
__________________
(١) فاطر ١٣.
(٢) اللسان (أكد).
(٣) الاقصى القريب ص ٩٩ ، التبيان ص ١١٠ ، البرهان الكاشف عن اعجاز القرآن ص ٢٣٣.
(٤) الأعراف ١١٥.
(٥) جوهر الكنز ص ٢٥٧.
(٦) المثل السائر ج ٢ ص ١٩ ، الجامع الكبير ص ١٥٢ وينظر الروض المريع ص ١٥١ ـ ١٥٩.
(٧) الأعراف ١١٥.
(٨) الكهف ٧٤ ـ ٧٥.
(٩) طه ٦٧ ـ ٦٨.
(١٠) اللسان (ولد).
(١١) انوار الربيع ج ٥ ص ٣٢٣.