وكثيرا ما يقع الناس في هذين النوعين من الجهامة ويحسبونها من النوع الأول ، وفي الركاكة ويحسبونها من النوع الأول ، وفي الركاكة ويحسبونها من النوع الثاني. فالأول في الشعر كثير لا يحصى ومنه قول حبيب :
خذي عبرات عينك من زماعي |
وصوني ما أزلت من القناع |
|
أقلّي قد أضاق بكاك ذرعي |
وما ضاقت بنازلة ذراعي |
|
أآلفة النحيب كم افتراق |
أطلّ فكنت داعية اجتماع |
والثاني قليل في الاشعار إلا عند المحسنين الكبار وهو :
تمنّع من شميم عرار نجد |
فما بعد العشية من عرار (١) |
الجمع :
جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعا ، وجمعت الشيء إذا جئت به من ههنا وههنا. (٢)
قال خلف الأحمر : «لم أر أجمع من بيت لامرئ القيس ، وهو قوله :
أفاد وجاد وساد وزاد |
وقاد وذاد وعاد وأفضل |
ولا أجمع من قوله :
له أيطلا ظبي وساقا نعامة |
وإرخاء سرحان وتقريب تنفل (٣) |
وأدخل السّكّاكي الجمع في المحسّنات المعنوية وقال : «هو أن تدخل شيئين فصاعدا في نوع واحد» (٤). كقوله تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا)(٥). وقول الشاعر :
إنّ الفراغ والشّباب والجده |
مفسدة للمرء أي مفسده |
وتبعه ابن مالك في التعريف والأمثلة والبلاغيون الآخرون كالقزويني وشراح التلخيص والعلوي والحموي والسيوطي والمدني (٦).
جمع الأوصاف :
عدّه القاضي الجرجاني من أصناف البديع وقال بعد كلامه على التقسيم : «ومما يقارب هذا جمع الأوصاف» (٧).
وقال ابن رشق بعد باب التقسيم : «هذا وما قبله يسمّى جمع الأوصاف وسمّاه بعض الحذاق من أهل الصناعة التعقيب» (٨). ومثال قول أبي دواد :
بعيد مدى الطّرف خاظي البضيع |
ممرّ المطا سمهريّ العصب |
وقول النابغة :
حديد الطّرف والمنك |
ب والعرقوب والقلب |
وقد يعدّ فيه التقفية والترصيع مثل قول الشاعر :
فالعين قادحة والرجل ضارحة |
واليد سابحة واللون غربيب |
__________________
(١) معالم الكتابة ص ٧٤ ـ ٧٥. العرار : واحدها عرارة ، وهو زهر اصفر ناعم طيب الرائحة.
(٢) اللسان (جمع).
(٣) الحيوان ج ٣ ص ٥٢.
(٤) مفتاح العلوم ص ٢٠٠.
(٥) الكهف ٤٦.
(٦) المصباح ص ١١٢ ، الايضاح ص ٣٥٧ ، التلخيص ص ٣٦٣ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٣٣٥ ، المطول ص ٤٢٨ ، الاطول ج ٢ ص ١٩٩ ، الطراز ج ٣ ص ١٤٢ ، خزانة الادب ص ٣٦١ ، معترك ج ١ ص ٤٠٣ ، الاتقان ج ٢ ص ٩٢ ، شرح عقود الجمان ص ١١٨ ، أنوار الربيع ج ٣ ص ٣٧١ ، نفحات ص ١٤٧ ، التبيان في البيان ص ٣٣١ ، شرح الكافية ص ١٦٦.
(٧) الوساطة ص ٤٧.
(٨) العمدة ج ٢ ص ٢٥.